السحر وواقع ضحايا الشعوذة
مشكلة / مشاكل إجتماعية, جرائم, مشكلة / مشاكل نفسية, مشكلة / مشاكل الزواج, نصب وإحتيال, ضحايا السحر, شعوذة, السحر الأسود, سحر المحبّة , ساحر, مشعوذ, جرائم السحر
26 أغسطس 2009تزوّجت من الساحر دون علمها!
في حي شبرا الشهير في القاهرة فقدت زوجة حياتها الزوجية واستقرارها، بل وحريتها عندما ارتكبت غلطة اللجوء إلى ساحر!
اعتقدت منار أنها تستطيع أن تعيد الحب الغائب بينها وزوجها الذي بدأ يستعدّ للزواج من أخرى. ضاق الزوج من تجاهل زوجته ورغبتها في إثبات ذاتها من خلال العمل في الشركة التي ورثتها عن والدها. حاول كثيراً أن يعيد زوجته إلى سابق عهدها لكن منار لم تكن تهتمّ إلا بمصلحتها الشخصية.
أفاقت الزوجة ولكن متأخرة، وأدركت أن زوجها يضيع منها، فلم يعد هو الآخر يهتمّ بها. وقد عقد العزم على الزواج من مديرة مكتبه في الشركة التي يمتلكها. جن جنون الزوجة وحاولت أن تعيد زوجها إلى بحر الحب لكن الوقت تأخر كثيراً، ولم يكن أمامها سوى الاهتمام بالخرافات، والاستماع إلى نصائح جارتها سعاد التي طلبت منها أن تتجه إلى «الشيخ» رفاعي.
سقطت منار في هذا الفخ واتجهت إلى الساحر الشهير في شارع شبرا، فعرضت عليه المال في مقابل إعادة المياه إلى مجاريها بينها وزوجها. ابتلعت الطعم ولم تدرك مغزى نظرات الساحر التي اخترقت جسدها وتجولت في مفاتنها.
أعجب الساحر بشدة بالزوجة الحسناء، وطلب منها أن تتردد عليه مراراً حتى يجري لها بعض الجلسات قبل أن يسلمها حجاب المحبة، وارتكبت منار غلطة عمرها عندما تناولت مشروباً مثلجاً أعدّه لها الشيخ رفاعي الذي أخلى وكره من جميع زبائنه. أفاقت منار على مشهد مؤلم، فوجدت نفسها في غرفة نوم الساحر وهو يرقد بجوارها. صرخت بذعر ففشل في السيطرة عليها. واقتحم الجيران الشقة ليستطلعوا الأمر. ولكن رفاعي طلب من الجميع الانصراف وأشهر عقد زواج عرفي يجمعه بمنار التي اندهشت وصمّمت على إبلاغ الشرطة. وفي مكتب رئيس المباحث أكدت أنها فوجئت بالساحر وقد امتلك نسخة من عقد زواج عرفي يجمعه بها، واتهمته بتنويمها باستخدام مخدّر والحصول على توقيعها.
نفى رفاعي اتهامات منار التي وجهت إليها النيابة تهمة الجمع بين زوجين، وقام زوجها بتطليقها لتصبح ضحية جديدة للمشعوذين...
يقف الكثيرون من الناس أمام مشاكل مستعصية لا يجدون حلاً لها، وفي لحظات يأسهم يلجأون إلى الحلول غير الواقعية، وهنا يجدون الساحر في انتظارهم فيفتح في وجوههم أبواب الآمال الكاذبة، وينقلهم لفترة محدودة من عالم الحقائق القاسية التي يعيشونها إلى عالم الأوهام التي لا تلبث أن تتكشَّف لتتركهم في حالة أصعب وأدهى من الحالة التي كانوا يسعون للخلاص منها.
في هذا التحقيق من مصر تسلِّط «لها» الضوء على واقع ضحايا السحر، كما تعرض مقابلة مع ساحر، ويختم التحقيق بموقف الشرع مما يسمّونه سحر المحبة باعتباره من أكثر أنواع الشعوذة شيوعاً.
ضحايا الشعوذة كثيرون. بعضهم يدمر حياته بسبب لجوئه إلى «السحر» وبعضهم يتعرض للنصب والاحتيال والتحرش أيضاً. حكايات الضحايا تحمل دروساً بالغة الأهمية لكل من يفكر للحظة في اللجوء إلى هذا العالم الغريب، فما أبرز حكايات ضحايا السحر وأكثرها إثارة؟
مليونير في دقائق!
لا تنتهي جرائم السحرة الذين لا يكتفون بممارسة مهنة شيطانية ولكنهم يمارسون النصب بكل صوره ومنها استخدام الزئبق الأحمر، والضحية هذه المرة استشاري هندسي في الأربعين من عمره، عاش هذا الوهم، وصدق الساحر السوادني الذي أوهمه أنه سيصبح مليونيراً في دقائق قليلة!
كانت البداية بلاغاً من الاستشاري الهندسي لمباحث السياحة، اتهم تاجراً سودانياً بخداعه باسم السحر. وأفاد المهندس وائل أنه التقى بالتاجر في أحد الفنادق في منطقة الدقي، وتجاذبا أطراف الحديث، فعرض التاجر السوداني على المهندس الاستشاري استثمار أمواله في الزئبق الأحمر.
بدت الدهشة على وجه وائل وهو يستمع إلى عبارة الزئبق الأحمر وتلاشت دهشته حينما أنهمك التاجر في توضيح المادة. وأكد أنه سائل باهظ الثمن ولكنه مطمع للجان لأنه يعيد الشباب إلى الجان العجوز، وفي مقابل هذا يقدم الجان ملايين الدولارات لصاحب الزئبق الأحمر.
راقت الفكرة لوائل، فعرض على السوداني أي مبلغ مقابل شراء الزئبق. ودفع المهندس 100 ألف جنيه وعاش تجربة مثيرة مع التاجر السوداني في غرفة مظلمة أضيئت فيها الأنوار فجأة، وظهر صندوق أسود مملوء بالدولارات!
أكد التاجر السوداني أن هذه هي المرحلة الأولى لإنزال الدولارات من السماء ووعد المهندس وائل بتجرية أخرى، عاد وائل إلى منزله ومعه الصندوق الذي كان يحتوي على 5 آلاف دولار وبات يحلم بالمزيد... لكنه اكتشف أنه تعرض لخدعة كبرى، فقد اختفى التاجر السوداني، ولم يجد وائل أمامه سوى الشرطة للإبلاغ عن النصاب.
بعد أسبوع من البلاغ تمكنت مباحث السياحة من ضبط المتهم أثناء محاولته خداع ضحية جديدة، فقرّرت النيابة حبسه بتهمة النصب والاحتيال.
الموت في بيت الساحر!
هذا النوع من الجرائم تكرر كثيراً. ومعلوم أن المشعوذين كانوا يستخدمون العصي لضرب الزبائن بحجة إخراج الجان من أجسادهم. وفقد العديد من هؤلاء حياتهم بسبب استسلامهم للدجالين. والضحية هذه المرة سيدة في بداية العقد الخامس من عمرها، كانت مصابة بنوبات متتالية من الصرع، واحتار الأطباء في تفسير مرضها أو علاجه.
لم يكن أمام الأسرة سوى اللجوء إلى طريق الشيطان، فسلّم الابن الأكبر للحاجة خيرية أذنيه لأصدقاء السوء الذين نصحوه بالذهاب إلى «الشيخ» حجازي. كان الابن على استعداد لأن يدفع أي مبلغ مقابل شفاء والدته التي كانت في حالة يرثى لها.
استقبل الساحر العجوز أسرة السيدة خيرية بوكره في منطقة المرج، وطلب حجازي من ابن السيدة خيرية عدم الاعتراض على طريقته في العلاج، وبدا الترقب واضحاً في عيني الابن وهو يشاهد الساحر يمارس طريقته المبتكرة...
قيّد حجازي يدي الأم حتى لا تتحرك، وأحضر عصا غليظة وأغلق أنوار الغرفة وأنهال بها ضرباً على خيرية التي راحت تصرخ مستنجدة بابنها. لكن الشيخ حجازي منعه من التدخل، مؤكداً أن هذه الطريقة ناجحة للغاية في علاج لبس الجان!
خفت صوت خيرية، تنفس الساحر الصعداء وأخبر أسرتها أنه نجح في إخراج الجان من جسدها. أضاء الأنوار وكانت المفاجأة القاسية، فقد فقدت الأم وعيها ونزفت الدماء من جسدها.
صرخ الابن وأمسك بالمشعوذ وقرر أن يستنجد بالشرطة. وفي دقائق وصلت سيارة النجدة ومعها الإسعاف الذي حاولت إنقاذ السيدة خيرية لكنها لفظت أنفاسها الأخيرة. وقرّرت النيابة حبس الساحر بتهمة الضرب المفضي إلى الموت.
الذئب!
لا تقتصر جرائم السحرة عند النصب، والقتل، والزئبق الأحمر، بل تمتدّ إلى التحرّش. وتكتظ ملفات أجهزة الأمن بعشرات البلاغات ضد سحرة تجاوزوا الحدود، واستغلوا ضعف زبائنهم وجهلهم وحاولوا أن ينالوا من النساء في لحظة ضعف.
البلاغ هذه المرة شهدته إحدى محافظات الوجه البحري، الضحية راندة شابة في مقتبل عمرها، استغلّ الساحر شوقي جهل اسرتها وحاول أن يتحرش بالحسناء الشابة، طرقت الأسرة باب الشيخ شوقي الذي ذاع صيته، وأخبره الأب أن جميع زيجات ابنته تفشل في مهدها، لأن العريس يهرب في اللحظة الأخيرة.
وقال الساحر للأسرة أن راندة تعرضت لعمل سفلي من والدة أحد الذين تقدموا للزواج منها، وطلب من الأسرة أن تتركه مع راندة وحدهما في غرفة مظلمة بحجة قراءة بعض الطلاسم لفك السحر.
لم يكن أمام الأسرة سوى الموافقة، وإن كانت الأم لم تخف توترها وقلقها على ابنتها. ولم يدرك الأب أنه القى بابنته في النيران. وفجأة علا صوت صرخات الفتاة التي خرجت بسرعة من غرفة الساحر وهو يلاحقها. الدموع لم تتوقف في عيني راندة وحاول والداها أن يفهما منها ما حدث لكنها نظرت بذعر إلى الساحر وكأنها تخشى أن تتحدث أمامه.
أخبرهما شوقي أن الفتاة على وشك الشفاء من السحر الذي تعرّضت له ولكنها قد تصاب خلال الأيام المقبلة ببعض التهيؤات. وطلب من الأسرة إحضار راندة في الجلسة المقبلة.
في الموعد المحدد فشلت الأم تماماً في إقناع ابنتها بالذهاب إلى الشيخ مرة أخرى، فألحّت عليها أن تخبرها عن سبب امتناعها ولكن راندة لم تنطق بكلمة واحدة. هنا تدخّل الأب وأخذ يهدئ من روع ابنته طالباً منها ألا تخشى أي شخص. وبدأت راندة تتماسك وتقصّ ما حدث مع الساحر العجوز.
اكتشفت الحسناء أنه يحاول أن يتحسّس جسدها ويتحرّش بها، مؤكداً لها أنه يقوم بعمله، وما يفعله يدخل في صميم العلاج من السحر. لكن راندة لم تستسلم وظلّت كل حواسها مستيقظة وحذرة من تصرفات الساحر الذي كان يحاول أن يخدّر أعصابها حتى يفعل ما يريده.
ثم صمّم شوقي علي أن يجرّدها من ملابسها وحينما اعترضت هددها بسكين وأخذ يقبلها بوحشية فاضطرّت للصراخ لتستنجد بأسرتها. جن جنون الأب وهو يستمع إلى قصة ابنته، وهرع إلى مركز الشرطة، واتهم الساحر بالتحرش بابنته.
ألقت المباحث القبض على شوقي وتوالت بلاغات الضحايا اللواتي أكدن أنهن تعرّضن لما تعرّضت له راندة لكنهن خشين من سطوة الساحر وامتنعن عن الإبلاغ عنه. وقرّرت النيابة حبسه بتهم الدجل والشعوذة والتحرّش.