إنذار لوزير الإعلام المصري
د. محمد رأفت عثمان, علماء الأزهر, سعاد صالح, د. مهجة غالب, د. آمنة نصير, أنس الفقي, الشيخ يوسف البدري, د. أحمد كريمة, د. محمد هداية, د. عبد الحي عزب, أغنية
04 سبتمبر 2009أوقفوا المهزلة
ويؤيد الدكتور محمد هداية الداعية الفضائي الشهير ما طالب به البدري وأنصاره قائلاً: «الحق أحق أن يتبع وليس الخطأ الوقوع فيه، ولكن الخطأ الحقيقي هو الإصرار على الخطأ. وطالما أن الدراسة العلمية التي أجراها الدكتور محمود عبد الرازق استندت إلى أدلة منطقية وعلمية لا عيب أن نتبعها ونغير ما ثبت أن فيه خطأ لأنه مشتق من صفة أو فعل من أفعال الله لأن هذا خطأ بيّن وإلا لكان هناك اشتقاق لأسماء أخرى لا تليق بالذات الإلهية حيث يقول الله مثلا: (ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين). فهل يجوز أن نسمى الله «الماكر أو المكار» حشاه وتعالى عن ذلك؟ والشيء نفسه في قوله تعالى في العديد من الآيات «يستفتونك» وبعدها «قل الله يفتيكم»، فهل يجوز أن نطلق على الله اسم «المفتي» طالما أن هناك اشتقاقاً من الأفعال أو الصفات، ولهذا فإن الحل أن نأخذ الاسماء الصريحة الثابتة في القرآن والسنة النبوية. وأرفض غناء اسماء الله أو إذاعتها لأن هذا يتنافى مع جلاله وهيبتها وبخاصة أنه تتم إذاعتها في بداية الأفراح».
ضوابط الغناء
يخطّئ الدكتور أحمد كريمة الأستاذ بكلية الدراسات الإسلامية جامعة الأزهر من يحرمون أو يحللون غناء الاسماء الحسنى بإطلاق قائلاً: «من المقرر شرعاً أن الغناء حسنه حسن وقبيحه قبيح، واتفق الفقهاء على أن هناك خمسة أحكام شرعية تتعلق بالغناء أولها أنه يكون واجباً لشحذ همم المحاربين في المعارك دفاعاً عن الدين والوطن والعرض وأرواح المدنيين، وثانيها أنه يكون مندوباً أو جائزاً في المناسبات السعيدة بوجه عام مثل الأفراح وعودة الغائب وشفاء المريض والحصول على وظيفة وغيرها، وثالثها أنه يكون حراماً اذا اشتمل على محرم كوصف ما أمر الله بستره من العورات والسوءات أو الدعوة الى الفسق والفجور أو تزيين الفواحش، ورابعها أن يكون مكروهاً إذا صرف عن الكسب والعلم العمل، وخامسها أنه يكون مباحاُ في ما عدا ذلك. ولا مانع من الأغاني الدينية عامة بشرط أن لا تصاحبها آلات موسيقى صاخبة أو مثيرة للغرائز، ولا مانع من آلات فيها وقار كالدف الخفيف. ونظراً إلى كون أسماء الله الحسنى تتصل بالذات الإلهية فالأفضل التغنّي بها بالطريقة التي يطلق عليها الحداء، ومعناه تحسين الصوت مع النطق بالكلمات بطريقة رزينة دون مصاحبة آلات موسيقية صاخبة مثل التغني بأغنية «طلع البدر علينا». فهذه هي ضوابط الحلال والحرام في قضية الغناء بوجه عام، وغناء أسماء الله الحسنى بوجه خاص. وأرى أن تذاع في المناسبات التي ليس فيها معصية وبخاصة أن الأفراح تتحول الى ساحة للرقص والتعري الذي حرّمه الشرع».
أين الخشية؟
وتوافقه في الرأي الدكتورة مهجة غالب رئيس قسم التفسير في جامعة الأزهر التي تدعو الى «إذاعة الأغاني الخاصة بأسماء الله الحسنى ولكن في الأفراح الإسلامية التي ليس فيها ما يغضب الله أما غير هذا فلا يجوز، فالدعاء بأسماء الله الحسني أمر إلهي في كل الأوقات وليس في الأفراح فقط، وذلك لعموم قوله تعالى (ولله الاسماء الحسنى فادعوه بها). ومعروف أن الدعاء الصادق يتطلب حضور القلب وخشية الله حتى يستجيب، أما أن تذاع هذه الأغاني في مكان في معاصٍ فهذا امتهان لها، والشيء نفسه بالنسبة إلى إذاعتها في التلفزيون حيث لا تجوز إذاعة أغنية اسماء الله الحسنى إذا افترضنا أنه ليس فيها مخالفة وسط أغانٍ خليعة كلها كليبات مليئة بالمشاهد العارية».
عن مبرّرات الإنذار القضائي الذي تصدّر الموقعين عليه الشيخ يوسف البدري عضو المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية، قال البدري: «أسماء الله الحسنى رغم أنها ليست قرآناً خالصاً فإنها مذكورة فيه، ولهذا ينبغي أن تكون لها قدسية واحترام لدى المسلمين. وبالتالي ليس من الجائز شرعاً التغني بها على موسيقى وإذاعة ذلك في افتتاح الأفراح على سبيل التبرك، وسرعان ما ينقلب الفرح الى رقص وأغانٍ هابطة بما يخالف أحكام الشرع. ولهذا لا يليق شرعاً إذاعة أسماء الله الحسنى في محفل يهتم بها من حيث المظهر وليس الجوهر، بدليل أن المستمع يهتم بصوت المغني والموسيقى المصاحبة له دون أن يتفكر أو يتدبر تلك الأسماء الحسنى».
ولم تتوقف مبررات الشيخ البدري على ما سبق وإنما لديه مبرر آخر يقول عنه: «أثبتت دراسة علمية أجراها الدكتور محمود عبد الرازق الرضواني استاذ العقيدة في جامعة الملك خالد بالمدينة المنورة أن هناك 29 أسماً من اسماء الله الحسنى المتداولة بين العامة وينشدها المطربون رغم أنها في الحقيقة ليست كذلك، وإنما هناك اسماء أخرى صحيحة وليست مشتقة من صفات وأفعال مثل الـ 29 المتداولة حالياً، وهي: الخافض - الرافع - المعز - المذل - العدل - الجليل - الباعث - المحيي - المبدئ - المعيد - المحصي - الواجد - الماجد - الوالي - المنتقم - ذو الجلال والإكرام - المقسط - الجامع - المغني - المانع - الضار - النافع - النور - الهادي - البديع - الباقي - الصبور - المميت. وتم التوصل الى 20 اسماً جديداً مذكورة بنصها من دون أن تكون مشتقة كالاسماء السابقة من الصفات والأفعال».
الدعوة بالإنذار خطأ
استهجنت الدكتورة آمنة نصير العميدة السابقة لكلية الدراسات الاسلامية في الأسكندرية هذا الانذار القضائي وما يحويه قائلة: «من المتفق عليه بين العلماء أن اسماء الله الحسنى حكمها يختلف عن حكم القرآن من حيث القدسية لأنه لم يرد بحصرها نص ثابت في القرآن أو السنة النبوية وإنما استقاها الوليد بن مسلم مما هو مذكور في الآيات القرآنية. وبالتالي فإن الأمة قد استقرت عليها بمرّ العصور ومن ثم لا يجوز تغييرها حتى لا تحدث بلبلة لدى الناس الذين حفظوا تلك الأسماء عبر الأجيال. وبالتالي فإن الإدعاء أن هناك 29 اسماً خطأ، أضراره أكثر من فوائده، ومصلحة الأمة ووحدتها أمر يهم كل مسلم. وأرى أنه لا مانع شرعاً من إذاعة أغاني اسماء الله الحسنى في افتتاح الافراح كنوع من التبرّك بها».
التبرّك بها مباح
تعارض مفتية النساء الدكتورة سعاد صالح العميدة السابقة لكلية الدراسات الاسلامية في القاهرة أسلوب الانذار القضائي لبيان حكم شرعي سواء كان عليه إجماع أو فيه اختلاف لأن «الأسلوب الأمثل للدعوة هو ما حدده الله سبحانه وتعالى في قوله (ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن). وأعارض في الوقت نفسه القضية التي أثارها موقّعو الإنذار لأن اسماء الله الحسنى ليست قرآنا حتى نقول إنه حرام غناؤها على أنغام الموسيقى مادامت موسيقى هادئة ورزينة تتوافق مع هيبة هذه الاسماء التي أجمعت عليها الأمة عبر تاريخها. ومن يغني هذه الاسماء من المطربين ليس في أدائه لها أية إثارة أو مخالفة شرعية وفي الوقت نفسه فإن من يفتتح الأفراح بها كنوع من التبرك ليس فيه مخالفة شرعية. أليس هذا أفضل من البدء بالأغاني الهابطة من البداية حتى النهاية؟ فالبدء بها أفضل من لا شيء».
التعصب مرفوض
يوافقه في الرأي الدكتور محمد رأفت عثمان عضو مجمع البحوث الإسلامية الذي يؤكد أن «الإسلام لا يحرم الفرح والبهجة ولكن بضوابط. والتغني بأسماء الله الحسنى ظاهرة طيبة لأنها ليست قرآنا طالما أن هذا يتم بصوت حسن ومحسنات صوتية ومرئية لا تتنافى مع جلال هذه الأسماء الحسنى، وإذا كانت تتصف بذلك فلا داعي للمطالبة بعدم إذاعتها في التلفزيون بحجة أنه حرام غناء اسماء الله الحسنى. وفي الوقت نفسه ليس من مصلحة الأمة التشكيك في ما استقرّت عليه عبر الأجيال حتى تحصل بلبلة. وإذا كان هناك من يقول إن هناك 29 اسماً غير صحيح ما أدرانا ان يأتي غيره غداً ليقول لنا كل أسماء الله الحسنى غير صحيحة ويقدم لنا أدلة قد تكون غير صحيحة، ولهذا الأفضل عدم المساس بالاسماء الحالية. واذا كانت هناك اجتهادات جديدة فلتكن مناقشتها في الغرف المغلقة بين العلماء وبعيداً عن العامة».
الدعوة بالحسنى
رفض الدكتور عبد الحي عزب عميد كلية الدراسات الإسلامية في بني سويف جامعة الأزهر الأمر بالمعروف أو النصيحة على يد محضر في شكل إنذار قضائي، «فهذا يتنافى مع آداب الإسلام التي تحفظ المقامات للأشخاص، وبالتالي فإن توجيه انذار لشيخ الأزهر أو وزير الإعلام بشأن منع أغاني أسماء الله الحسنى أسلوب لا يليق، ولنا في رسول الله صلى الله عليه وسلم القدوة حين دخل عليه سعد بن معاذ وكان سيداً في قومه ولم يقم أحد فأمر الجلوس بالقيام احتراماً لمقامه قائلاً لهم «قوموا لسيدكم». وهذا ليس غريباً عن وصف الرسول الذي وصفه ربه (ولو كنت فظاً غليظ القلب لانفضوا من حولك) أما التغني بأسماء الله الحسنى فهو جائز اذا كان يؤدي الى الخشوع وتدبر الأسماء ومعانيها، أما إذا كان تغنى في محفل راقص أو فيه ما يغضب الله من التعري والاختلاط فهذا غير جائز لأنه استخدام للأسماء الذات الإلهية في غير موضعها اللائق بها وبدلاً من أن تكون وسيلة للتبرّك يتم الاستخفاف بها ولم تؤد الى أي خشوع أو تفكر في معاني هذه الأسماء الحسنى».
جدل فقهي واسع بين علماء الأزهر أثاره الإنذار القضائي الذي أرسله خمسون داعية الى وزير الإعلام المصري أنس الفقي بضرورة منع إذاعة أغاني اسماء الله الحسنى للمطربين هشام عباس وإيهاب توفيق وغيرهما والتي تذاع أيضاً في بداية الأفراح، باعتبار أن في هذا امتهاناً لاسماء الله الحسنى، فضلاً عما توصلت إليه دراسة علمية عن وجود أخطاء في هذه الأسماء. فماذا قال المؤيدون والمعارضون لهذا الإنذار القضائي بمنع أغاني اسماء الله الحسنى؟