في السعودية أكثر من 1.5 مليون 'آنسة' بلغن الخامسة والثلاثين
أسباب العنوسة, المملكة العربية السعودية, سن الزواج, مواقع الزواج الإلكتروني, أميمة زاهد, قضية / قضايا المرأة, سعاد الشمري, العنوسة, الصحافة السعودية , تشريعات, تأخر سن الزواج, الدراسة, عوامل اقتصادية
05 يوليو 2010الإعلام فاقم مشكلة تأخر سن الزواج وعظم القضية في ما يخص المرأة دون الرجل
من الجانب الإعلامي، أوضحت رئيسة القسم النسائي في جريدة «عكاظ» السعودية منال الشريف أن الإعلام ضخم هذه المشكلة رغم عدم وجود إحصاءات رسمية، حتى أن التعداد السكاني للسعودية حتى اللحظة هو مشروع لم ينتهِ، بالتالي الإحصاءات الواردة في وسائل الإعلام لا تمثل الحقيقة أبداً. وقالت: «أريد أن أسأل لماذا يطلق لقب عانس على الفتاة دون الرجل رغم أن سن الزواج لديه ارتفعت أيضاً؟ وأنا اعتقد أن العنوسة تشمل الرجال والنساء، وأجد أن تأخر سن الزواج السبب فيه الطرفان لا طرف دون الآخر، وذلك لأسباب عدة على رأسها عدم ثقة كل طرف بالآخر الطرفين. وهذا يعود إلى أن الفضائيات اقتحمت دواخلنا وأصبحنا نضرب بتقاليدنا عرض الحائط. وبالتالي الفتاة في المرحلة المتوسطة عندما تشاهد البرامج الفضائية وما تعرضه من برامج بين الشباب والفتيات ماذا ستكون ردة فعلها؟ وكذلك الشاب. ويطلق علينا لو لم نفعل ذلك أننا مجتمع متخلف ورجعي، ولانزال نناقش مسألة الاختلاط، ونجد أن صحفنا السعودية تبين وتوضح إلى أي درجة نحن متخبطون، حتى في المسائل الدينية والفقهية، بالتالي أصبح الشاب والفتاة على حد سواء ليس لديهما أي ثقة بحديث مصلح أو شيخ أو تربوي، وهذا كله ينعكس على الأشخاص فكيف لهذا المتخبط أن يبحث عن نصفه الآخر وهو لديه عراك نفسي داخلي بين ما يشاهده من انفتاح إعلامي وأفكار متعددة، وبين ما يريده المجتمع وما تريده الأسرة. أنا أعتقد أن الشاب والفتاة اليوم يجب أن تحتضنهما مؤسسات حتى لا يصلا إلى الهاوية التي من ضمنها البعد عن الزواج، وهو الفطرة التي فطر الله الناس عليها لان الزواج سكن لكليهما».
وعن تسليط الضوء دائما على تأخر سن الزواج لدى النساء إعلامياً دون الرجال أضافت: «لأنها المقدور عليها أولا، وثانيا لأن النظرة المجتمعية عظمت أمر تأخر زواج المرأة في حين قالت إن الرجل مهما تأخر لن يضره ذلك في شيء ويمكن أن يتزوج في أي وقت، بل ويمكنه أن يختار الصغيرة، البكر، ذات الحسب والنسب رغم سنه المتقدمة. أيضاً نسب الطلاق المرتفعة تتحدث عن المرأة. وزواج المسيار أيضا ارتبط بالمرأة وكأن الزواج والطلاق يحدثان دون الرجل... كل هذا عظم في الإعلام، بل وأخذ حيزاً كبيراً جداً بسبب الإعلام».
تتفاقم يوما بعد يوم أزمة اجتماعية نسائية وشبابية تؤكدها إحصاءات عربية في مختلف الدول خصوصا الخليجية، والسعودية تحديدا. حيث ذكرت بعض منها أن أكثر من مليون ونصف مليون فتاة بلغن الـ 35 في السعودية ويقبعن في دائرة الزواج الغائب الحاضر، إلا أنهن جميعاً يحملن لقب «عانس». وتتوقع الدراسات أن يصل هذا العدد إلى 5 ملايين في السنوات القليلة المقبلة. ومع أن هذا اللقب أطلق على الفتاة غير المتزوجة منذ عقود طويلة، فإن الوقت الحاضر يحمل تغيراً جذرياً لهذا المسمى لأسباب عدة يأتي التعليم على رأسها ليقع تحت تصنيف «تأخر الزواج». ولتأتي العنوسة في بعض وجوهها اختيارية كما ذكرت ضيفات الندوة التي أقامتها مجلة «لها» في موقعها في جدة للوقوف على أهم مسببات ارتفاع سن الزواج، والحلول الممكنة لهذه المشكلة.
حضرت الندوة من التوجيه التربوي والكاتبة في مجلة «سيدتي» ورئيسة تحرير جدة اليوم أميمة زاهد، والدكتورة زهرة المعبي دكتورة علم النفس والإرشاد والتوجيه الأسري والمستشار الأسرية الاجتماعية في إدارة التخطيط الاستراتيجي في مركز إيلاف ومركز تطوير الذات، وسعاد الشمري الناشطة الحقوقية في مجال المرأة، والإعلامية منال الشريف رئيسة القسم النسائي لجريدة «عكاظ» في جدة.
في البداية تحدثت اميمة زاهد قائلة: «منذ فترة طويلة وأنا أبحث عن معنى مسمى «عانس» ووجدت أنها كلمة أو مصطلح يطلق على المرأة والرجل على حد سواء. وأجد أن اللفظ غير مقبول وأفضل أن نقول التأخر في الزواج خصوصاً في وقتنا الحاضر لأن هناك ما يدعى العنوسة الاختيارية، وفي 30 في المئة فقط من الحالات أصبحت إجبارية. والعنوسة الاختيارية هي تأخر الزواج باختيار كامل من الفتاة لكثير من الأسباب منها نفسية، اجتماعية، تعليمية، معنوية، مادية، اقتصادية».
وأشارت إلى أن العائلة أيضا لها دور في تأخر الفتاة في الزواج خصوصاً إذا كان بعض الآباء يحصلون على رواتب فتياتهن كما يحدث في بعض العائلات، أو إذا كانت فتاة قبلية لا يحق لها الزواج من غير قبيلتها وهو نوع من العنصرية، مما جعل العنوسة اختيارية، حيناً وقسرية أحياناً.
وأوضحت زاهد أن الانفتاح التكنولوجي ساهم بطريقة أو بأخرى أيضا في ارتفاع سن الزواج بسبب واقع الانترنت والتي تعمل على توليد علاقات خارج إطار الزواج ما ينفس عن كبت موجود لدى الشاب والشابة كان يوجه سابقاً إلى الزواج. إلا أنه في الوقت الراهن يخرج من مفهوم تكوين العائلة إلى تكوين الصداقات والعلاقات العاطفية ومن ثم يأتي قرار الارتباط.
التشريعات الدينية سبب في عزوف الشباب عن الزواج والأخذ بالأسهل
قالت الشريف أن التشريعات الدينية أيضاً فتحت المجال للشباب نحو استسهال الارتباط عن طريق المسيار والمسفار وغيرهما مما جعل الشباب لا يحبذ فكرة الارتباط وتكوين أسرة كما هو الوضع التقليدي.
وتجد الشريف أن كثرة المواقع على الشبكة العنكبوتية مثل مواقع الخاطبات والتعارف والزواج، تدخل في إطار تغير مفهوم الزواج التقليدي للخروج إلى الزواج على الطريقة الغربية، مما أوجد استهانة في عقد الزواج المقدس والبعد عنه، للدخول في متاهة التعارف.
وتمنت أن تتبنى القنوات التلفزيونية برامج «التوك شو» لمناقشة هذا النوع من المواضيع بين الشباب والشابات لمعرفة ماذا يريد كل جانب، والوقوف على أسباب تأخر الزواج.
الحلول التي خرجت بها الندوة
- تأخر سن الزواج هو مسؤولية الجهات التشريعية، فيجب أن تكون هناك إجراءات وقوانين صارمة مستمدة من الشريعة الإسلامية ومن نظام الحكم، وتحرير المرأة من نظام الكفالة ونظام الولاية، وأن تستطيع التحكم في حياتها لأن هذه المسألة كفلها لها الإسلام.
- تغيير الخطاب الديني بما يمنح المرأة حقها المشروع عن طريق الفتوى التي تحرم العضل، والعنف ضد المرأة. هذه القضية قضية نفسية اجتماعية اقتصادية ودينية، لذلك يجب تفهم هذه الجزئيات ومحاولة حلها بنظرة الجيل الحالي وليس بنظرة الجيل السابق.
- تغيير المناهج الدراسية لتعليم الفتيات والشباب قدسية الحياة الزوجية، وأن الزواج سكن ومودة.
- من الناحية النفسية هي حالة مؤلمة يجب تخطيها بالعمل والانشغال حتى لا تدخل الفتاة في حالات نفسية معقدة.
التعليم وتأثيره على ارتفاع معدلات العنوسة في السعودية
وقد نوهت زاهد في معرض حديثها إلى أن التعليم أثّر مباشرة أيضا في ارتفاع سن الزواج، وهذا ما يجعله مختلفاً عن الفترة السابقة حين كانت الفتاة مستثناة من دخول المدارس وكانت تتزوج في سن مبكرة، مضيفة: «التعليم له تأثير من شقين، الشق الأول عندما ترغب الفتاة في استكمال دراستها الجامعية، وما بعد الجامعة خصوصا أننا في الفترة الراهنة نشهد انفتاحاً كبيراً من الناحية التعليمية، وإثبات الذات. ووجود البعثات الخارجية لاستكمال الدراسة أيضا تعدها الفتاة فرصة لا يمكن تعويضها، إضافة إلى أن العديد من الشابات يردن تأمين حياتهن الاجتماعية والاقتصادية بحيث أن الشهادة تعني وظيفة ذات راتب جيد يؤمن لها حياة رغيدة (...). أما الشق الثاني فهو المناهج الدراسية التي تفتقر إلى مواد تعلم البنت أصول الحياة الزوجية السليمة التي توفر المتعة في الحياة بين الزوج والزوجة، بل العكس هو ما يحدث لأن مناهجنا الدراسية صورت المسؤولية كاملة من الاعتناء في البيت، والأطفال، والمناسبات الاجتماعية والزوج وكأنها كلها على كاهل المرأة، التي ستدخل الزواج كأنها داخلة لتعدم، لا لتبني أسرة متوافقة وسليمة».
التشريعات الدينية الأخيرة لها ضلع مباشر في عزوف الشباب عن الزواج
من جهتها، أوضحت الناشطة الحقوقية والوكيلة في قضايا المرأة داخل المحاكم السعودية سعاد الشمري أن تشريع زواج المسيار والمسفار وخلافه فتح مجالاً كبيراً للرجل للتهرب من الارتباط بهدف تكوين عائلة بجميع أركانها، لتحصر المسألة بالنسبة إلى عدد منهم بقضاء الحاجة الجنسية بزواج مسيار لا يكلف الرجل أي عناء. وقالت: «من الأساس علينا أن نقسم الموضوع إلى قسمين هما العنوسة الاختيارية، والعنوسة الإجبارية، فلو تحدثنا عن الأسر المتفتحة والعقول المتفتحة داخل السعودية والتي تعد محدودة وهي النسبة الأقل في المجتمع، ولكن لأن نساء هذه الأسر هن الأكثر شهرة وظهوراً يشار إليهن بالبنان ويقال إن هذه السيدة عازفة عن الزواج، وهي في الواقع لا تمثل حقيقة المجتمع. وفي ما يخص العنوسة الاختيارية فإذا وصلت الفتاة إلى سن الزواج ودعت أسرتها هذه الحقيقة ولم تكترث لهذا الأمر فهي إذن حالة لا تبشر بخير ليس لشيء إلا لأنها دليل على أن الدولة تفتقر إلى سن القوانين، وهذا هو الوضع. فالسعودية هي الدولة الوحيدة التي تفتقر إلى قانون للأحوال الشخصية، ولا يوجد من يكفل حق المرأة في عدالة الطلاق، ولا يعترف لها حتى بحق الأمومة. والمآسي الموجودة حولها تشجع على العزوف، في انتظار الشخص المتفهم، أو على أمل تغيير إصلاحي في المجتمع».
وأكدت أن العالم المتقدم ليس فيه ما يسمى العنوسة الاختيارية، وسن الزواج المتأخر هناك أسبابه اقتصادية، إذ أن المرأة مكلفة بتحمل المسؤولية من الناحية المادية، والحياة تشاركية حتى من ناحية الطلاق.
ولفتت الشمري أن الحياة من المنظور العربي التقليدي، ومن منظور الشريعة، كفلت للمرأة أن تكون أموالها حقاً مشروعاً لها بالكامل، والزوج هو المسؤول مسؤولية كاملة عن تحمل العامل الاقتصادي في الزواج وتكاليفه.
وعن العنوسة الإجبارية أضافت الشمري: «تشكل العنوسة الإجبارية ما نسبته 70 في المئة في السعودية، وتبدأ من أسباب عدة منها مفهوم ولي الأمر، والذي لا يعد ركناً من أركان الزواج وإنما شرط لوجوده ولإتمام عملية الزواج، ولجعل هذه العروس مصانة. ولكن بحسب منظور المجتمع أصبحت موافقته تعلو على ركني الزواج، والدين يشترط موافقة العروس وإشعار ولي الأمر فقط لا غير، وأنا أعتقد أنه في عدم وجود قوانين تعتمد على الشريعة ومفهوم الشريعة الصحيح تكمن المشكلة، ففي الوقت الذي يصر فيه البعض على التمسك بقواعد لا تمت إلى الشريعة بصلة، كشفت محكمة الشرقية بكل شفافية أنه في كل أسبوعين تتقدم حالتا عضل زواج، أي ثماني حالات في الشهر، ومع ذلك لم تعلنها مراكز إصلاح ذات البين لأنها مرتبطة بشكل مباشر بالمرأة التي يريدونها مستعبدة حتى تقبل بالطرق الأخرى من الزواج، خصوصا في ظل وجود التشريعات المبيحة لزواج المسيار، والفرندز، والمسفار وخلافه».
وأشارت إلى أن الخطاب الديني في السعودية حتى اللحظة لم يتكفل بإصدار فتوى في زواج القاصرات، أو تحريم العضل. وبينت أن كل الأسباب السالفة الذكر كانت سبباً مباشراً لزيادة نسب الطلاق في السعودية، علماً أن بعض الإحصاءات تشير إلى أنه من بين كل عشرة عقود قران تنتهي سبعة بالطلاق، وأن نسبة الطلاق تجاوزت 37في المئة. وأن المرأة المطلقة تدخل في حسابات المرأة العانس. إلا أن الشمري عقدت الآمال على الخطة الإصلاحية الجديدة التي طرحها خادم الحرمين الشريفين في تغيير القوانين السعودية والتي ستصدر قريباً، بحيث ستقنن الأحكام القضائية.
الفصل بين الجنسين هل هو سبب لتأخر سن الزواج في السعودية
سعاد الشمري قالت: «التعارف من الطبيعة البشرية التي أوجدها الله سبحانه وتعالى، بل أنه في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم كان المجتمع يعرف بعضه بعضاً، وكان الرجل الغث أو الصالح معروفاً لدى كل عائلة. من هنا، أعتقد أن التعارف في الحدود الشرعية مقبول، واعتقد أن الفصل ولّد آثاراً سلبية في فكر كل طرف عن الآخر. أيضاً ولدت أفكار سلبية عن ليلة الدخلة بعدما شوهد وعرف عنها من خلال وسائل الإعلام، إضافة إلى الشروط التي باتت مطلباً لدى الطرفين لكل شخص يريد أن يقترن به، أو بها».
إلا أن الكاتبة أميمة زاهد كان لها رأي مخالف قائلة: «من الضروري أن يكون هناك تعارف بين أطراف المجتمع ولكن داخل الأطر الأسرية المعروفة، وبعيداً عن العلاقات الغرامية التي تتم في الخفاء. وأجد أن مسالة الفصل بين الجنسين ليس لها بالغ التأثير في مسالة تأخر سن الزواج، فما نراه في المجتمعات العربية الأخرى أكبر دليل، حيث أنه رغم الاختلاط المنتشر بينهم في كل المجالات إلا أن سن الزواج أيضاً مرتفعة لديهم. وأجد أن الرجل عندما يكون جاداً في مسألة الاقتران من الأفضل أن يتعرف على المرأة بين أسرتها، وله حق الزيارة، والجلوس معها، ومناقشة أفكاره وأفكارها وتطلعاته وتطلعاتها في وجود كلا الأبوين دون الخوف من خوض التجربة، أو أن يعتقد أنها التزام بخطبة رسمية».
سن الثلاثين لدى الفتاة... هل هي سن التنازل أم التمسك بالشروط؟
وتوضح سعاد الشمري أن المرأة لا تتنازل عن شروطها ومطالبها في شريك الحياة إذا تأخرت في الزواج، إلا في حالات معينة، من أهمها العامل الاقتصادي وفقدان مصدر الدخل، أو إذا كانت من أسرة متوسطة الحال، أو من الأسر المعنفة للفتاة... حينها تفضل المرأة الارتباط بأي رجل دون قيد أو شرط. فالمهم أن تخرج من بيت والدها. وقالت: «العكس صحيح إذا كانت المرأة من الأسر المتفهمة وصاحبة علم، ومن طبقة اجتماعية متفهمة ستكون أكثر انتقاء لشريك حياتها، بل وتكون أكثر تشدداً دون أن تهتم للسن التي وصلت إليها. بل أنها كلما تقدمت في السن كانت أكثر نضجاً في التفكير».
ولفتت إلى أن الزيجات الناجحة في الوقت الراهن هي التي تحصل في سن ما بعد الثلاثين لكلا الجنسين. ومن جانبها نبهت أميمة زاهد إلى أن التنازل لا يحكمه عمر بل شخصية الإنسان وتوجهاته الفكرية وظروفه الحياتية واحتياجاته، مضيفة: «من الواجب أن تتنبه الدولة لمسألة مساعدة الشباب على الزواج، بتسهيل الشروط وتيسير أمور الزواج من جانب، وبتحديد المهور والتهاون فيها من جانب آخر، لأن العامل الاقتصادي مهم جدا في مسألة عزوف الشباب والفتيات عن الزواج».
ورأت أن على الدولة تقديم إعانات مجانية وسكن لتوفير البيئة المناسبة لإقامة عائلة سليمة.
الحوار هو نقطة البداية في تغير مفهوم الحياة عند الفتيات والشباب
من جانبها، أدلت دكتورة علم النفس الإرشادي والتوجيه الأسري في مركز إيلاف ومركز تطوير الذات الدكتورة زهرة المعبي بدلوها عن الجانب النفسي الاجتماعي للمسألة قائلة: «من الواضح لكل العيان أن الدولة أصبح لديها توجه ملحوظ إلى الحركة الإصلاحية. ولعل الأسرة هي النواة الحقيقية للتغيير. من هذا المنطلق بدأت دورات الإرشاد والتوجيه الأسري تفرض نفسها على الساحة المحلية، لذا كان لدينا ثلاثة محاور وهي محاورة الابن لوالديه، ومن ثم محاورته للمجتمع ومن حوله، والمحور الثاني الحوار مع الآباء وإعطاء الثقة للفتاة أو الشاب في الحديث مع والده. وهذه النقطة مهمة لأن كثيراً من الآباء والأمهات لا يعلمون عن أبنائهم شيئاً، وهذا ما أفرز الأفكار الضالة مؤخراً. كل هذه المحاور علينا تطبيقها بشكل فعلي داخل الأسر عن طريق التدريب الذي ينطبق على الآباء والأبناء لكسر الحواجز بينهم. هنا يمكن للفتاة أن تناقش أفكارها مع والديها دون خجل، خصوصاً إذا كان الأب أو الأخ هو من يعطل زواجها من باب احتياجه إلى راتبها، أو عدم تكافؤ نسب المتقدم لها ونسبها، أو أن المتقدم ليس من القبيلة نفسها. كل هذه المسببات لتأخر زواج الفتاة يمكن أن تتصدى لها إذا كان هناك حوار بينها وبين والديها».
ورأت أن كل شيء سيتغير بالإقناع والحوار، مع تغير القوانين السعودية، وعمل القضاة السعوديين على حماية الفتيات من بطش أولياء أمورهن في مسألة تأخير زواجهن. حتى يتم تصريف الطاقة والعاطفة في محلها الصحيح، والابتعاد عن الطرق الملتوية. أو الزواج السري والذي أخذ بالانتشار مؤخراً داخل الأوساط السعودية، مع ما يترتب عليه من مشاكل أسرية من أطفال دون هوية، وزواج المسيار، وخلافه.
وعن الآثار النفسية المترتبة على تأخر زواج الفتاة أضافت الدكتورة زهرة: «بخلاف الآثار السابقة، هناك آثار سلبية نفسية اجتماعية تتعرض لها الفتاة عند تأخر سن زواجها، خصوصاً إذا كان تأخر ارتباطها إجباريا، مما ينتج عنه حالات اكتئاب وعزلة (...)، إضافة إلى أن علاقتها مع والديها ستكون متوترة بشكل مستمر».