زوجات يصرخن...
المشي, قلّة النوم, علم إجتماع, مواقع الزواج الإلكتروني, الصيام, علم النفس, جهاز بلاي ستيشن, شهر رمضان
25 يوليو 2011«بلاي ستيشن»
ما بين النوم والبلاي ستيشن يسلي أمير صيامه في رمضان، لكن زوجته أمنية تؤكد أن تسالي الصيام لا تخطف زوجها منها على الإطلاق، ولا تؤثر مطلقاً في حياتهما، ولا تعاني من الصمت الزوجي في رمضان.
وتوضح: «النوم الكثير الذي يلجأ إليه أمير في رمضان لا يدخل تحت إطار تسالي الصيام كالكثير من أزواج صديقاتي، وإنما أصنفه تحت عنوان الإرهاق، فهو يعمل مشرفاً في إدارة المشتريات في شركة كبرى، تقع على أطراف المدينة، مما يضطره للاستيقاظ بعد أذان الفجر بساعة حتى يلحق بأتوبيس الشركة، ثم يعود إلى المنزل الساعة الرابعة عصراً منهك القوى، لينام قليلاً ويستيقظ ليعتني بصغيرنا آدم أثناء انشغالي بتحضير الإفطار في المطبخ».
ويضيف أمير إلى كلام زوجته: «نحن أسرة صغيرة وعاملة، وبالتالي ننام مبكراً ولا مجال أمامي للاستمتاع بالتسالي نظراً لسيطرة العمل على غالبية وقتي، ورغم ذلك فإن الصمت الزوجي لا يجد مكانه في أسرتنا، فزوجتي امرأة ذكية غير نكدية تختار الأوقات المناسبة لمناقشة أمور أسرتنا. ورغم أننا لا نسهر في رمضان إلا أن أمنية لا تدع الوقت يمر دون أن نتسامر ونتجاذب أطراف الحديث».
صمت رمضان
في أول رمضان مضى على زواجهما كان الخرس الزوجي مشكلة سعاد محمد مع زوجها الدكتور أيمن فاخر، استشاري العلاج بالأوزون ومضادات السموميات. تقول: «لقد تعجبت من حال أيمن في أول رمضان يمر على زواجنا، إذ وجدته لا يتكلم على الإطلاق ويرد على الكلام الموجه إليه في أضيق الحدود، لكن بعد الإفطار يكون أهدأ. وبالعشرة علمت أن هذا طبعه في رمضان فهو يحب أن يحتوي المشاكل ولا يفتح أي مجال للكلام تجنباً لأي عصبية تبدر منه، وبالتالي فأنا أرحب بصمته النهاري الذي ينعكس على هدوئه بعد الإفطار، خاصة أنه هادئ الطباع».
وتضيف: «زوجي لديه تسالٍ رمضانية مريحة ولا أغار منها، مثل عشقه للطهو، فهو طباخ ماهر نظراً إلى إقامته فترة كبيرة في إيطاليا، لذا فأيام كثيرة يدخل من باب المنزل إلى المطبخ ليعد لنا أشهى الأكلات المصرية أو الإيطالية».
وهنا يلتقط الدكتور أيمن أطراف الحديث من زوجته، قائلاً: «الأكل بالنسبة إليّ متعة لا تُضاهى في رمضان، وأنا من علّمت سعاد أكلات المطبخ المصري لأنها تونسية، وأجد في رمضان فرصة رائعة لطهو أجمل الأكلات والاستمتاع بالطعام التونسي والمغربي الذي تعده لي سعاد، فأمضي ساعات قبل الإفطار في المطبخ إما أتفقد طعامها أو أطهو بنفسي ألذ الأكلات». وتعود سعاد لمواصلة حديثها قائلة: «بعد الافطار وأداء الصلاة ينفرد أيمن بالكمبيوتر الخاص به ليمضي معه وقتاً طويلاً، فهو دائماً يقول إنه يجد في رمضان أفضل فرصة لإجراء أبحاثه الطبية التي يتابعها بصعوبة في الأيام العادية، فهو يرى أن رمضان وقته أطول وأن مواعيد العيادة تكون أقل.
وفضلاً عن ذلك فإن أيمن لابد أن يتريض في رمضان، فقد اعتاد منذ صغره على لعب كرة القدم بعد الإفطار وحتى السحور، ولكنه الآن يمارس رياضة المشي صباحاً حفاظاً على لياقته وصحته البدنية والنفسية».
وفي نهاية حديثها تقول سعاد: «حقاً أفتقد زوجي كثيراً في رمضان، لأن تسالي الصيام وعادات رمضان تخطفه منّي، ولكن عزائي الوحيد أنه يكون أهدأ وأكثر احتواءً للمشاكل».
يفضل بعض الأزواج في رمضان الانشغال بما يطلق عليه تسالي الصيام على التواصل والحوار مع زوجاتهم، ولهذا تصرخ الزوجات بأن تسالي الصيام تلك تخطف منهن أزواجهن! وقد تكون التسالي في تمضية أوقات طويلة على الإنترنت، أو الكلام مع الأصدقاء في الهاتف، أو حتى الجلوس أمام «البلاي ستيشن»، بل وهناك أزواج يفضلون النوم والمشي على الكلام مع زوجاتهم، فماذا يقول الأزواج والزوجات عن تلك المشكلة؟ وما هو رأي علم الاجتماع والنفس؟
النوم والمشي وجهان لعملة واحدة وهي تسالي الصيام لدى زوج ندى النويهي التي تقول: «حقاً أعاني من الخرس الزوجي في نهار رمضان، فزوجي إما نائم أو يمارس رياضة المشي. إذا اقتربنا منه في محاولة للحديث معه، سواءً أنا أو الأولاد، ينفجر فينا غاضباً ويثير الكثير من المشاكل، لذا نتجنبه وأعاني معه الصمت الزوجي في الصيام وبعد الإفطار أيضاً».
وتضيف: «بعض الرجال الذين ينشغلون بالتسالي أثناء الصيام يعوضون زوجاتهم بعد الإفطار، إلا أن زوجي له طقوساً رمضانية خاصة، فإما أن ينام أو يتريض، وبعد الإفطار يذهب ليلتقي أصدقاءه ضارباً برغبات الأولاد في الخروج والسهر عرض الحائط، متعللا بأن رمضان يكون فيه ضغط عمل أكبر، خاصة أنه يعمل ضابط شرطة. بين حين وآخر قد يخضع قليلاً لرغبات الأولاد ولكن ليس بالقدر الذي يريدونه، أما صمته فيسود نهاراً وليلاً نظراً الى طقوسه الخاصة، أما أنا فقد أكسر ذلك الصمت قبل السحور لمناقشة بعض الأمور ومشاكل الأولاد».
خرس طوال العام
«المشكلة ليست في انشغال الأزواج بتسالي الصيام ولا صمت رمضان، والحقيقة أن الزواج أصبح يواجه مجموعة من المشاكل العويصة لا تسمح له بسهولة بتحقيق أهدافه من استقرار وسعادة وإشباع وحب، خاصة الزواج الذي يتم بشكل عشوائي وفوضوي، دون وعي أي من الطرفين أن أصل أي ارتباط هو التعامل في المجال العام والاستلطاف، وأن من أهم عوامل نجاح الأسرة التواصل والكلام، والاهتمامات المشتركة، فتكون النتيجة الخرس طوال العام وإن ظهر أكثر في رمضان».
هكذا بدأ الدكتور أحمد عبد الله أستاذ الطب النفسي في جامعة الزقازيق حديثه وأضاف: «بدون تواصل في الحياة الأسرية في الأيام العادية تظهر مشاكل الصمت والإهمال في رمضان وغير رمضان، ولكنها قد تطفو على السطح أكثر خلال الشهر الكريم. وما يظهر من شكاوى زوجات عن إهمال الأزواج، ومشاكل الصمت أو الخرس الزوجي، وتعلل الجميع بأن لرمضان طابعاً خاصاً، ما هي إلا علل واهية، والحقيقة هي وجود مشكلة تواصل عامة لدى الأزواج والزوجات تكمن في انعدام التفاهم والحديث المتبادل، والسبب هو الإقدام على الزواج دون الاهتمام بوجود اهتمامات مشتركة تخلق التواصل في ما بعد، بالإضافة إلى ضغوط الحياة ومشاكلها.
والحل يكمن في ضرورة الاسترخاء فور العودة إلى المنزل، والفصل التام ما بين العمل ومشاكله وبين الحياة الزوجية، فضلاً عن أهمية الإجازة الزوجية إن تطلَّب الأمر، وهو أن يمضي كل زوج وقتاً بعيداً عن الآخر ولو يوماً واحداً فقط، وهذه الإجازة تعمل على تجديد الشوق والمشاعر الرقيقة بين الزوجين كما تقضي على الملل الذي هو السبب الأول في هروب الأزواج من زوجاتهم بما يطلق عليه «تسالي الصيام».
هروب زوج
تعترف مروة محمود بأن زوجها يتفنن في التسالي الرمضانية نهاراً وتقول: «إما أن يعود زوجي من العمل متأخراً قبل الإفطار بدقائق، وإما أن ينام ويستمتع بالقيلولة. زوجي لا يترك أي نوع من تسالي الصيام، فهو قد يتسوق لي ويقضي حاجة المنزل الشرائية، وأحياناً يعرض عليّ المساعدة فيصنع الخشاف والسلطة، المهم أن يبقى طوال النهار مشغولاً عني، أما الليل فهو للعبادة. هكذا أعيش 30 يوماً من الصمت الزوجي».
وتؤكد: «هذا ليس حالي وحدي، فالكثيرات من صديقاتي يعشن الأمر نفسه، مؤكدات أن أزواجهنّ يمتنعون عن أي شكل من أشكال التواصل معهن بسبب تسالي الصيام النهارية، ويمضين طوال الليل في العبادة».
نديّة التعامل
تتفق أستاذة علم الاجتماع في المركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية الدكتورة عزة كريم، في الرأي مع الدكتور أحمد عبدالله، وتقول: «إذا كان الصمت الزوجي موجوداً طوال السنة كيف له ألا يظهر في رمضان؟! في رمضان يتجه الناس أكثر إما إلى العبادة أو ما يسلي صيامهم، وبالتالي يقل الكلام، لذا يتجلّى الخرس الزوجي أكثر في رمضان، خاصة إذا مارس الزوج طقوساً رمضانية خاصة به، كالخروج مع أصدقائه أو النوم في النهار أو حتى التريض.
ولكن الواقع يؤكد أن الخرس الزوجي موجود طوال العام، فالأسر العربية تعاني نوعاً من الانفصال داخل المنزل، كل فرد مشغول بحياته وعمله وقد لا يتلاقون على مائدة الغداء أو العشاء في الأيام العادية، وبالتالي أصبح لكل فرد مطالبه الخاصة وعاداته المنفردة.
لذا تدعو الدكتورة عزة كلاً من الزوجين إلى هدنة ووقفة مع النفس، من أجل استعادة روح الأسرة، والتواصل والبعد عن الندية والأنانية في التعامل. كما تدعو جميع علماء النفس والاجتماع إلى درس الظاهرة وإيجاد حلول عملية لها قد تكون في إدراج مناهج دراسية تهدف إلى تعليم أصول التعامل الأسري، ودراسة سيكولوجية الرجل والمرأة وكيفية التعامل مع كل منهما، حمايةً لبنية الأسرة من التفكك.