البطالة في المجتمع الكويتي
الكويت, جريمة, إدمان, علم النفس, الانحراف, مجتمع الكويتي, بطالة
14 نوفمبر 2011يقول المستشار في التنظيم والإدارة الدكتور عبدالله فهد العبدالجادر: «تبلغ نسبة البطالة في الدول الأخرى مثل البحرين 15% والسعودية 10.5% واليمن 35% وتونس 13% ومصر 10%، بينما تصل في الكويت إلى نسبة 3.5% ولأنها الأدنى فتعتبر الكويت ضمن المعدلات الطبيعية أما في باقي الدول فهي مرتفعة. وقد ينخفض معدل البطالة في الكويت عام 2012 إذا بدأ تنفيذ مشاريع خطة التنمية. يجدر القول إن الاضطرابات التي يشهدها العالم العربي سببها البطالة والحمد لله الكويت بعيدة عن ذلك. أما المطالبات بزيادة الرواتب سواء من العاملين الكويتيين أو من بعض نواب مجلس الأمة فقد يكون لها مبررات منطقية ولكن هنالك أيضاً ضوابط وقوانين يجب أن تحكمها.
كما يجب أن تنفذ دراسة دورية لمسح مستوى الرواتب والبدلات والمزايا الوظيفية كل سنتين محلياً واقليمياً وتعديل جدول مرتبات الخدمة المدنية بحيث يتناسب مع هذه الضوابط، ويكون التعيين حسب الوصف الوظيفي وليس حسب المؤهل الدراسي فقط. وكذلك لن تكون العلاوة الدورية تلقائية وانما تحسب طبقاً لاداء الموظف، فمثلاً المقبول يأخذ 10 دنانير والجيد 15 والجيد جداً 20 والممتاز 25 دينارا. وبما أننا نتكلم عن زيادة الرواتب فلابد من مراعاة الكويتيين العاملين في القطاع الخاص، وهنا أريد أن أسأل الحكومة هل تريد أن تدعم وتشجع الكويتيين على العمل في القطاع الخاص؟ فإذا كان كذلك فلا بد من مراعاة التوازن والمساواة بين الكويتيين العاملين في الحكومة والخاص وحتى لا تكون هنالك هجرة عكسية من الخاص الى الحكومة.
وأقترح على الحكومة سنّ قانون عمل واحد ينطبق على العاملين في الحكومة والخاص بغية تطبيق نهج جديد للعمل الجاد وزيادة الانتاجية وأداء العاملين وتطوير مستوى الخدمات وإجراءات العمل، تقابله رواتب ومزايا وظيفية مبنية على أسس مخرجات المهمات والأعمال التي يتم إنجازها على غرار القطاع الخاص».
أضاف: «على الحكومة درس الموضوع جدياً. ربما أكثر الكويتيين الذين يعملون في الحكومة لايرتاحون ولا يتقبلون هذه الاقتراحات وخاصة الذين تعودوا على الكسل وعدم الانتاجية، ولكن أقول لهم ألا يفكروا في أنفسهم فقط وينسوا اخوانهم وأبناءهم والاجيال القادمة التي تريد العمل وتحتاج الى فرص عمل».
وقال الأمين العام لبرنامج إعادة هيكلة القوى العاملة والجهاز التنفيذي للدولة الدكتور وليد الوهيب إن اكثر من 700 طالب وطالبة التحقوا بدورات للتدريب في الصيف الفائت لتوسيع وعيهم حول أهمية العمل في القطاع الخاص كقطاع حيوي يدعم مشاريع الدولة ويجد منها الدعم الكافي.
وأوضح أن عدد الطلاب الذين تم تدريبهم خلال السنوات الماضية بلغ حوالي 5 الاف متدرب وبلغ عدد الشركات المشاركة في برنامج التدريب هذا العام 78 شركة.
وأضاف ان دورة التدريب الأخيرة تناولت مختلف المؤسسات في القطاع الخاص، مشيدا بتوصية مجلس الوزراء لتعميم أسلوب التدريب في مختلف مدارس التربية ووزارة الشؤون والهيئة العامة للشباب والرياضة لتوفير فرص عمل والقضاء على البطالة.
وعدد الانجازات التي حققها برنامج اعادة الهيكلة خلال السنوات الماضية والتي تضمنت تعيين أكثر من 14 الف مواطن ومواطنة في القطاع الخاص سنويا مقابل 8 الاف في القطاع الحكومي، وزيادة اعداد العمالة الوطنية في القطاع الخاص من 13652 مواطنا ومواطنة عام 2001 الى 72414 مواطنا ومواطنة في العام الماضي.
وقال ان نسبة العمالة الوطنية في القطاع الخاص الى اجمالي العمالة في القطاع الخاص ارتفعت من 1.3 في المئة عام 2001 الى 4.32 في المئة العام الماضي، وانخفضت نسبة البطالة من 8.3 في المئة في عام 2001 الى 4.7 في المئة في عام 2010 ، في حين ارتفعت نسبة زيادة العمالة الوطنية في البنوك والمؤسسات المالية من 10 في المئة عام 2001 الى اكثر من 60 في المئة العام الماضي.
وذكر الوهيب انه تم تدريب حوالي 10 الاف متدرب بشركات ومؤسسات القطاع الخاص فضلا عن تدريب 5311 طالبا وطالبة ومعالجة ملف المسرحين حيث بلغ اجمالي اعداد المسرحين 1162 مواطنا ومواطنة حتى آذار/مارس 2011 واتخاذ الاجراءات المناسبة لمواجهتها. وقال إن لدى برنامج القوى العاملة عددا من المشاريع الجديدة التي تستهدف دعم العمالة الوطنية، كمشروع التأمين ضد التعطل بالاشتراك مع المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية، ومشروع قرار جديد لمجلس الوزراء بشأن تحديد نسب العمالة الوطنية في الجهات غير الحكومية، وتعديل قانون دعم العمالة الوطنية.
الشباب والشابات
«لها» التقت عددا من الشباب والشابات فقالوا...
عيسى جابر: «البطالة شر لابد منه في مجتمعاتنا خاصة في ظل الظروف الاقتصادية الراهنة التي يعيشها العالم بشكل عام. وهنا لم تعد كثير من الشركات الخاصة تعين إلا ذوي الخبرة وعناصرالاختصاص دون النظر إلى جنسية الشخص مما زاد عدد العاطلين عن العمل من الكويتيين.
عايشة مبارك مهندسة خريجة: «نحن ننتظر تعيينات الحكومة احيانا من 6 شهور إلى سنة كاملة، وتصرف لنا الحكومة بدل بطالة بواقع مئة دينار شهريا لا تكفي وقودا للسيارة ولا دفع فواتير موبايلاتنا فما بالك بباقي احتياجاتنا التي يتكفل بها الأهل».
أسماء محمد خريجة لا تعمل: «تخصصي تمويل إسلامي وأحمل البكالوريوس ومع هذا أجلس في البيت منذ عام والبنوك الإسلامية تقبل توظيفي لكني أريد العمل في القطاع الحكومي. وننتظر توظيفنا أما بالواسطة أو حتى يرحمنا ديوان الخدمة المدنية ويرشحنا للجهات الحكومية. وقد طلبت العمل في ديوان المحاسبة ودار الاستثمار ووزارة المالية وجاءني الرد ليس هناك شواغر وليس أمامي إلا الانتظار الذي لا أعرف إلى متى سيطول.
فاطمة عاطلة عن العمل: «أنا كنت أعمل في القطاع الخاص وبسبب الأزمة الاقتصادية التي ضربت العالم منذ عامين تم فصلي عن العمل وسجلت ضمن فئة المسرّحين عن العمل. سمعنا وعودا بأننا سنجد رعاية وأولوية من الدولة، ولكني ارفض العودة للعمل في القطاع الخاص لأنه غير مأمون العواقب ولا نشعر فيه بالأمان والاستقرار».
إبراهيم مجبل: «ازدادت للأسف نسبة البطالة بين أبناء المجتمع الكويتي، والمحزن أن الكثير من الخريجين والخريجات من الجامعات المختلفة في الكويت وربما بتقديرات علمية مرتفعة لا يجدون وظائف. كما أن القطاع الخاص يعطي رواتب متدنية جدا للخريجين والخريجات من الجامعة لأنهم يفتقدون عنصر الخبرة. واعتقد انه من الأنسب أن تضع الدولة حد أدنى للأجور لكل الشركات والمؤسسات».
ويقول عادل حجاب: «في كل بلد نرى بطالة ويكون الشباب ضحيتها. لا أحد ينكر أن هناك بطالة مقنعة في الكويت، وهذا امر طبيعي في كل المجتمعات. ونجد ان الشباب الكويتي غير مهيأ للعمل في وظائف فنية كثيرة، او بالأخص كما يقال حرفية، فيما نجد أن معظم شباب العالم لا يرفضون هذه الوظائف. والخلاصة ان الحكومة هي التي زرعت هذا الفكرالمترف في الشباب ، وعلى المجتمع ككل مواجهة هذه النظرة».
الرأي النفسي
الدكتورة أمثال الحويلة أستاذة علم النفس في كلية العلوم الاجتماعية قالت حول ظاهرة البطالة: «هي ظاهرة قديمة جديدة على المجتمع الكويتي وموجودة في جميع دول العالم وخصوصا دول العالم الثالث أو النامي. وقد تكون البطالة مقنعة وهي أن يكون الموظف على رأس عمله وليس لديه عمل أو توصيف وظيفي بسبب كثرة عدد الموظفين في الوزارة حيث لا توجد مهمات أو أعمال يقوم بها. ويمكن أن نطلق مصطلح البطالة على الشخص الذي لايستغل قدراته العقلية والمعرفية والشخصية والأدائية.
والبطالة هي عدم استثمار عنصر العمل بالقدر الكافي أو بالكفاءة اللازمة ومفهوم الشخص المتعطل هو من لا وظيفة أو دخل له بالإضافة إلى وجوده في وظيفة ولا يعمل ضمن اختصاصه أو لا يوجد لدية مهمات واضحة بسبب كثرة عدد الموظفين».
وأضافت: «لا بد من الاهتمام بتنمية أهمية العمل في ذهن الإنسان من النواحي النفسية والاجتماعية والمادية والأخلاقية، وأهميته في تطوير البلد وتطوير مجال العمل.
والبطالة لها آثار سلبية علي اقتصاد البلد وأيضا على الأمن الاقتصادي والاجتماعي، فلابد من استغلال الطاقات والكوادر البشرية الوطنية ذات الكفاءة العالية والتي لديها شهادات تخصصية وخبرة».
وتصنف الحويلة أنواع البطالة كالتالي:
1- بطالة تحتية سافرة: وتتضمن ساعات عمل اقل من المعتاد.
2- بطالة تحتية مقنعة: وهى حصول الشخص على عمل رغم إرادته أو لا يتناسب مع قدراته، أو وجوده في وظيفة بالاسم ولا ساعات فعلية يعمل فيها.
3- بطالة تحتية حادة: وهي توفير طاقة العمالة نتيجة تغير آليات الإنتاج.
4- بطالة دورية موسمية: وهي تتبع حالة الإنتاج الموسمي
5- بطالة هيكلية: ناتجة عن التحول الصناعي.
وفندت الحويلة أسباب البطالة على أنها:
1- سياسات الدولة فى تشغيل الخريجين.
2- السياسات التعليمية.
3- مشروع التجنيد وفترته.
4- سياسة العمالة المدربة وتشغيل الخبرات.
5- سياسة الأجور.
ولفتت إلى أن العمل يوفر للفرد الأتي:
1- «القيمة الداخلية للعمل: وهي أن يحب الفرد ما يعمله ويتعلق به ويتحمل تبعاته ويحقق ذاته ويلتزم المساهمة في تنمية الوطن.
2- القيمة الخارجية للعمل: وهي ما يحصل عليه من رواتب وأجور وما يوفره من مركز اجتماعي بين الناس.
3- القيمة النفسية للعمل: وهي إرضاء الدوافع وتقدير الذات والإحساس بالهوية والقيمة الذاتية والرقي الأخلاقي».
وتؤدى البطالة في المجتمع الكويتي إلى احتمال حدوث أنواع من الانحرافات قد تؤدي فى بعض الحالات إلى الإدمان أو حدوث حالات من اللامبالاة والتهور والاستهتار بين الشباب وضياع الوقت وعدم أهميته، وعدم الإحساس بالالتزام والمسؤولية، وعدم الإحساس بقيمة العمل. وهذا يؤدي إلى خطر على مجتمع الشباب وإهدار للطاقات الشابة وعدم إعطاء فرصة للطاقات الشابة. وقد يؤدي إلى بعض الاضطرابات السلوكية والإحساس بالدونية وعدم القدرة على تحمل المسؤولية».
فوزي المجدلي: نأمل استقرار البطالة عند 1 في المئة
قال الامين العام المساعد لشؤون القوى العاملة في برنامج إعادة هيكلة القوى العاملة فوزي المجدلي ان الجهود في الكويت تضافرت من قبل السلطتين التشريعية والتنفيذية لمكافحة البطالة ودعم العمالة الوطنية وتشجيعها على العمل في الجهات غير الحكومية.
واضاف ان الهدف الذي وضع من أجله البرنامج يتمثل في تقديم الحلول الابداعية لظواهر التوظيف السلبية لا سيما تلك المتعلقة بعزوف المواطنين عن الالتحاق بالعمل في القطاع الخاص الى جانب السيطرة على ارتفاع نسب البطالة وكبحها عند الحدود المقبولة عالميا (4 في المئة)، "وأملنا أن نصل إلى نسبة 1 في المئة فقط مع تنفيذ الخطة الاستراتيجية".
وأشار الى قيام البرنامج بجهود "غير مسبوقة" لتغيير اقتناعات المواطنين وأولياء الأمور وخريجي الجامعات والمعاهد التطبيقية والثانوية العامة للتوجه نحو العمل في القطاع الخاص، وتقديم الدعم المادي وخدمات التدريب والتأهيل والعلاوات الاجتماعية المختلفة لهم مما يحقق للعاملين تطوير ذواتهم وتنمية ابداعاتهم بما يتفق مع الاهداف التنموية للدولة.
وتناول أبرز اختصاصات البرنامج ومنها اقتراح النظم المشجعة لتشغيل القوى العاملة الوطنية والاجراءات التي تؤدي الى التنسيق بين مخرجات المؤسسات التعليمية والتدريبية وفرص العمل المتاحة، اضافة الى اقتراح القرارات المنظمة لصرف العلاوات الاجتماعية في الجهات غير الحكومية وقواعد صرف بدل البحث عن عمل.
وعن عمليات التدريب والتأهيل افاد بأن ادارة تنمية العمالة الوطنية تقوم بتدريب العاملين في القطاع الخاص ومن هم على رأس عملهم لتطوير مهاراتهم وزيادة خبراتهم من خلال إقامة دورات تأهيلية استفاد منها في السنوات الأربع الماضية ما يزيد على 14 ألف مواطن ومواطنة بمؤهلاتهم وتخصصاتهم المختلفة.
وكشف ان البرنامج بصدد انشاء مركز تدريبي عالمي (غير ربحي) يقدم التدريب العام والتخصصي بكفاءة وقدرة عاليتين وفق المعايير المعمول بها عالميا لتوفير بيئة مناسبة لاحتضان الباحثين عن عمل.
البطالة في الكويت عند الشباب عمرها قصير لا يتجاوز العام إلا بشهر أو اثنين، ذلك إن الدولة تولي الخريجين من الشباب والشابات رعايتها، وتشهد عملية توظيف المواطنين دعما كبيرا من الدولة التي تتبنى برنامجا رائدا على مستوى الساحة العربية بهذا الشأن وذلك لتشجيعهم على العمل في القطاع الخاص وتوجيههم نحو العمل الحر واقامة المشاريع الصغيرة والمتوسطة مع تزايد أعداد العاملين في القطاع الحكومي وظهور ما يسمى البطالة المقنّعة. وكان لتزايد أعداد الداخلين الجدد الى سوق العمل وتكدس العمالة الوطنية في القطاع الحكومي أكبر الأثر في ظهور مشكلة جديدة لم تعرفها الكويت من قبل وهي «فئة المتعطلين عن العمل».
وحسب الأرقام والإحصائيات فإن نسبة البطالة لا تتجاوز 3.5% وهي مقارنة بمجتمعات أخرى تبدو ضئيلة ومحدودة، ورغم ذلك ينظر المختصون بعلم الإدارة وتنظيم الوقت وعلم النفس بقلق إلى تعطيل الطاقات الشابة التي قد تنحرف نحو الإدمان والجريمة بسبب الفراغ الذي يلقي بظلاله السلبية على نمط سلوكهم وحياتهم. ألا أن الدولة لديها دائما دورات تدريبية لتأهيل الشباب لملء الوظائف الشاغرة ودفع دعم عمالة لهم في حال توظيفهم في القطاع الخاص، أما من ينتظر دوره في التوظيف فيتلقى إعانة بدل بطالة بقيمة مئة دينار شهريا.