شباب مصر كيف يرون مستقبل بلدهم؟
سلمى المصري, انتخابات, المجتمع المصري, البرلمان المصري, المجتمع العربي, الشباب العربي, حب الشباب, انفتاح, الثورة المصرية
16 يناير 2012ملامح جديدة
أما أحمد زهران، 23 عاماً، مدير شركة دعاية وإعلان، فيتوقع مستقبلاً اقتصادياً وسياسياً أفضل لمصر، ويرى أن الشعب هو الذي بيده الكلمة العليا، وهو الذي سيختار النظام الحاكم ويرسم مستقبله بيده.
يقول أحمد: «في اعتقادي أن ملامح مصر الاجتماعية والاقتصادية والسياسية ستتغير خلال الأربع سنوات المقبلة، نظراً إلى ازدياد نسبة الوعي السياسي لدى الشعب، فحتى الأطفال أصبحوا يتساءلون عن المصطلحات السياسية، كالليبرالية والعلمانية، في حين أننا لم نعرف تلك المصطلحات في سنهم».
وبالنسبة إلى رؤيته الاقتصادية يقول: «مصر أرض خصبة جاذبة للاستثمار، ومن خلال شركتي الصغيرة واحتكاكي بسوق العمل أعلم جيداً أن المستثمرين الأجانب يتهافتون على فتح أسواق داخل مصر، لكن المانع الآن عدم الاستقرار. وفي تصوري أنه بمجرد انتخاب رئيس جمهورية ستدخل مصر عصر الانفتاح الاقتصادي».
على النقيض تماماً، يرى أحمد المغربي، 22 عاماً، مدير تسويق، أن مستقبل البلاد سيكون مضطرباً، أقله خلال أول فترة رئاسية أي الأربع سنوات المقبلة.
ويوضح وجهة نظره بقوله: «هذه أول تجربة ديموقراطية لشعب عاش حياته كاملة دون اختيار، فمن الطبيعي والمنطقي ألا يكون الاختيار الأول هو الأصح، وإنما تجربة لنتعلّم منها. لذا لا أتوقع أي تحسن بل أحسبها فترة تخبطات سيمرّ بها الوطن. لكن لديّ أمل في تعافي الاقتصاد، خاصة أن مؤشرات البورصة المصرية ترتفع كلما تناقلت وسائل الإعلام أي أخبار إيجابية، على غرار نجاح انتخابات مجلسي الشعب والشورى».
ثورة علمية واقتصادية
«إذا تم القضاء على الفساد المالي والإداري في المؤسسات العلمية، ستحقق مصر تقدماً علمياً وصناعياً وتجارياً كبيراً خلال العشر سنوات المقبلة». هكذا أعرب مصطفى محرم، طالب بكلية هندسة، عن رؤيته لمستقبل مصر.
ويقول: «السبب الحقيقي وراء الانتكاسة التي نعانيها الآن هو الفساد الإداري في كل المؤسسات، وبالتالي فسدت المؤسسات التعليمية، وتراجعت العمالة المصرية، وعانى الشباب من البطالة لأنهم لا يدرسون متطلبات سوق العمل، والحل يكمن في القضاء على الفساد أولاً».
وبعين يملأها مزيج من التفاؤل والتخوف، يلمح أحمد الهلالي، 31 عاماً ويعمل مهندساً، انفراج أزمات اجتماعية كالعنوسة والبطالة. ويقول: «ستتحسن بعض الأزمات الاجتماعية المرتبطة بالأزمات الاقتصادية، كالعنوسة والبطالة، وذلك نظراً الى ازدهار الاقتصاد في المستقبل، لكنني لا أرى أن ذلك يمكن تحقيقه قبل ست سنوات، أي أن من سيحصد النتائج هو الجيل التالي».
ويلفت إلى أن انفراج الأزمة الاقتصادية لن يتحقق إلا مع تحقق الاستقرار السياسي وانتخاب رئيس جمهورية.
تخوين وفتنة
تبدي آيات الحبال، 24 عاماً صحافية، عدم تفاؤلها على كل المستويات، الاجتماعية والسياسية والاقتصادية، خاصة مع انتشار ظاهرة التخوين بين أفراد الشعب، واستسهال التشهير بالآخرين.
وتقول: «تلك السلبيات الأخلاقية ناتجة عن العشوائية السياسية التي نعيشها الآن، والسبب الأكبر لعدم تفاؤلي هو أنني أشعر بأننا على عتبة عصر جديد من الاستبداد، مع الفارق أنه قبل الثورة كان الأمر في يد الحزب الوطني وبعد الثورة تأتينا تيارات متشددة بعد سيطرتها على مجلس الشعب».
وتتفق معها في الرأي هند إبراهيم، مصممة حلي، وتعرب عن خوفها على مستقبل مصر، وتقول: «بعد أن كانت السياسة لا تشغل بالنا، أصبحنا محاصرين بها بسبب كثرة الأحداث التي تمر بها البلاد، فإراقة الدماء لا تتوقف، وانتهاك المدنيين العزل لا ينتهي، وبالتالي أصبحت أرى المستقبل بلون قاتم ولا أستطيع تحديد ملامحه إلا بعد استقرار الأحوال السياسية التي قد لا تستقر الآن».
وتضيف: «إذا بقيت الأحوال على ما هي عليه، أتوقع للأسف حرباً أهلية، خاصة أن بعض وسائل الإعلام تحاول إشعال حرائق الفتنة الطائفية والشعبية، وبالتالي لن يترتب على ذلك إلا زيادة الفقر والبطالة وإغلاق المدارس وتفشي الجهل، بالإضافة إلى زيادة نسبة العنوسة».
الفرق بين المتفائل والمتشائم
ما بين التفاؤل والتشاؤم تختلف نظرة الشباب الى مستقبل مصر، رغم مشاركتهم في بداية الثورة ورغبتهم الأكيدة في التغيير. ويفسر هذا الموقف من الجانب النفسي الدكتور أحمد عبد الله، أستاذ الطب النفسي في جامعة الزقازيق، مؤكداً أن التفاؤل والتشاؤم بشأن المستقبل يرجعان إلى شخصية الشاب، وليس إلى الظروف المحيطة به، حتى لو كانت ظروف عدم استقرار سياسي كالذي نعيشه الآن.
ويقول: «المشهد في مصر الآن متداخل ويشبه كوب الماء الممتلئ حتى النصف فقط، البعض يرى النصف الممتلئ فيتفاءل، والآخر يرى النصف الفارغ فيصيبه التشاؤم. والنقطة التي يجب أن يدركها هؤلاء الشباب أن لأي واقع أسباباً للخير والتقدم وأسباباً للتأخر، فبناءً على العمل يتحدد المسار، وأي ثورة تفتح آفاقاً كثيرة للتغيير والطاقات الايجابية، لكن محاولة محاربتها قد تصيب البعض بالإحباط».
ويرجع أستاذ الطب النفسي سبب الإحباط الذي يحاصر بعض الشباب، إلى طول الفترة السياسية التي عاشوا فيها مواطنين اتكاليين، لا يفكرون في الوطن، فلا يشاركون في انتخابات أو استفتاءات، راضين بالقمع السياسي وتهميش دورهم كمواطنين.
ويضيف: «الأمر نفسه ينطبق على كل الشعوب العربية، فنستطيع القول إن الأنظمة الحاكمة استطاعت على مدى عقود طويلة، أن تربي شعوباً من الأطفال الاتكاليين، يخشون أي تغيير يفسد عليهم حياتهم ولا يشعرون بمسؤوليتهم تجاه الشأن العام، ويكتفون بانتظار الأخبار السعيدة».
على الجانب الآخر، يؤكد الدكتور أحمد عبد الله، أن التفاؤل بالمستقبل يرجع إلى نمط الشخصية الفاعلة، ومدى شعور الإنسان بالمسؤولية الملقاة على عاتقه، فيفهم أن عليه العمل من أجل تحسين الوضع المحيط مهما ازداد سوءًا من حوله فيتفاءل، مشيراً إلى أن الشخصية الفاعلة تشعر بمسؤوليتها تجاه نفسها والمجتمع فتشارك أكثر في حل الأزمات العامة.
بعد أن قاموا بثورتهم ونجحوا في إجبار الرئيس على التنحّي، وبعد أن واجهوا حالة الانفلات الأمني وشكلوا لجاناً شعبية دافعت عن الأمن والأمان، كان لابد أن نسأل شباب مصر وفتياتها عن رؤيتهم لمستقبل بلدهم، وشكل الحياة في مصر السنوات المقبلة. فماذا قالوا؟
تعرب سها سيد، 30 عاماً خريجة سياحة وفنادق، عن قلقها في حال سيطرة التيارات الدينية على الحكم في مصر وفوزها بالنصيب الأكبر في البرلمان.
وتقول: «الفزع الذي يسيطر علينا أنا وكثيرات هو التشدد الديني، خاصة أن تلك التيارات بدأت الكشف عن أنيابها تجاه النساء ونيتها التشدد، فأحد الأحزاب أكد عزمه على تعميم اللون الأسود زياً رسمياً لنساء مصر في حال فوزه، فضلاً عن منع الاختلاط، وبالتالي تعود المرأة إلى المنزل لأنها تتعرض للاختلاط في العمل. وهنا يمكنني تأكيد قلقي بشأن مستقبل مصر، إذ ستعاني من ردة حضارية، خاصة أن لدينا نساء متميزات في شتى المجالات».
وتكمل: «هذه الردة الاجتماعية ستؤثر بالطبع في الاقتصاد، بعدما أعلن أحد التيارات الدينية المتشددة نيته إغلاق السياحة الساحلية وهدم الحضارة الفرعونية على اعتبار أنها أصنام، وبالتالي ستواجه السياحة كلها كارثة. والأزمة الكبرى في ذلك أن عدد العاملين في قطاع السياحة يتخطى المليونين، وبفقدانهم عملهم تتعرض أكثر من مليوني أسرة للتشرد والفقر».
فرق كبير
وتلفت سها إلى أن هذا سر قلقها على مستقبل مصر، مشيرة إلى أن هناك فارقاً كبيراً بين حزب النهضة الإسلامي، الفائز في انتخابات مجلس الشعب التونسي عقب «ثورة الياسمين»، والأحزاب الدينية المصرية، فالأول هو حزب سياسي يستمد مبادئ العدل من الشريعة الإسلامية، على عكس الحركات الدينية في مصر التي دخلت لعبة السياسة بعد الثورة.
لكن سها سيد تراهن على مستقبل أفضل لمصر بعد هذه الدورة البرلمانية، وتقول: «الوعي السياسي والاجتماعي في زيادة مستمرة، وسأعمل على تنمية بلدي خاصة البسطاء، فلن نتقدم اجتماعياً ولا اقتصادياً إلا بمحو الأمية والفقر أولاً».