بعد مطالبات بإقرارها رسمياً
المملكة العربية السعودية, جائزة الأسرة العربية, المرأة السعودية / نساء سعوديات, حماية المرأة, قضية / قضايا المرأة, المحاكم
23 أبريل 2012العدل: التخصص النوعي في المحاكم يساعد في تسريع حل قضايا المرأة... ووزارة العدل جهة تنفيذية فقط
أوضح الناطق الرسمي باسم وزارة العدل الشيخ منصورعبد الرحمن القفاري أن وزارة العدل جهة تنفيذية وليست جهة تنظيمية، «فهي لا تملك اصدار أنظمة مثل مدوّنة أحكام الاسرة. فوازرة العدل تقوم بتطبيق الأنظمة، والجهة المعنية بإصدار هذه المدوّنة هي السلطات التشريعية أو التنظيمية في السعودية، ولم يصدر إلى الآن من مجلس الوزراء اي أمر يتعلق بمدوّنة الاسرة».
وأشار إلى أن هناك «قواعد موضوعية تُطبق الآن في المحاكم وتسير عليها قواعد الشؤون القضائية المستمرة في السعودية، والمدوّنة إن صدرت لن تزيد على تدوين هذه السوابق القضائية. أما التأخر في القضايا فهو أمر طبيعي في كل المحاكم. والنظام الاجرائي المتبع في المحاكم يُعطي الأولوية لقضايا الأسرة، لذلك جميع الانظمة الصادرة في السعودية من نظام المرافعات الاول الصادر عام 1355هـ، إلى نظام المرافعات الشرعية، وقبل نظام تنظيم الاعمال الادارية في المحاكم الشرعية، كلها تعطي حكما واحدا بأن قضايا الأسرة وما يتعلق بها هي قضايا تحظى بالاستعجال والأولوية في النظر والمواعيد».
ولفت إلى أن هناك إجراءات استثنائية وُضعت لقضايا المرأة، منها ما يتصل بالاختصاص المكاني، بمعنى أن تقيم دعوى أسرية على الرجل في محل اقامتها، ولا يلزمها أن تسافر اليه. لكن في ما يتعلق بحق المدعى عليه في التمثيل الصحيح والحضور والدفاع، لابد أن تستوعب المحكمة وتسمع ما لدى جميع الاطراف من دفوع، وهذه طبيعة الدعاوى وتأخرها طبيعي ومن لوازم السيرورة القضائية.
وكشف القفاري عن وجود خطة تدريبية لدى وزارة العدل لتدريب بعض القضاة في جميع المحاكم المتخصصة، سواء المحاكم الأسرية، أو التجارية، أو المحاكم العمالية. وبدأ القضاة حضور دورات التدريب المتخصصة لتهيئتهم لممارسة العمل في هذه المحاكم، وهي خطط تدريبية ثانوية للتنسيق بين الوزارة ومجلس القضاء».
الدوسري: 60 في المئة من القضايا الواردة إلى وزارة العدل نزاعات أسرية
ذكرت الباحثة في الخدمات الصحية والمهتمة بالتنمية والناشطة الحقوقية الدكتورة هالة الدوسري أنه نتج عن اجتماع مجلس التعاون الخليجي عام 2000 وثائق قانونية عدة وليس فقط الاحوال الشخصية، ومن هذه الوثائق كانت «وثيقة مسقط» التي تمت الموافقة عليها من كل وزراء العدل بمن فيهم وزير العدل السعودي. لكن لم يتم تفعيلها داخل السعودية رغم وجود موافقة رسمية عليها من وزير العدل السعودي. وأضافت: «السبب في ذلك الامر يعود إلى القضاة لميلهم إلى ترك الحرية للقاضي واجتهاده بدلاً من كتابة القوانين والالتزام بها، وبشكل غير رسمي يستخدم القضاة هذه الوثيقة، فأغلب الأحكام مبنية على الوثيقة، ولكن للقاضي الحرية في أن لا يرجع الى الوثيقة ابداً. فعلى سبيل المثال إن رأى القاضي أن حضانة الأطفال لا تكون للأم هو ليس ملزماً بالوثيقة»...
بدأت الدوسري العمل على قضايا العنف ضد المرأة ضمن مشروع تخرجها، وأثناء عملها على بحث استقصائي يكشف كيف تتعامل السيدات مع موضوع العنف، اكتشفت أن السيدة المعنَّفة تقع في أزمة الحصول على أي دعم قضائي لغياب تعريف الضرر حسب وثيقة مسقط، ورغم ذلك لا يوجد سهولة في التقاضي، ولا قوانين واضحة ومفصلة تبين للسيدة متى يحق لها أن تطلب الطلاق أو الخلع، لنجد ان السيدات يُحجمن عن الذهاب إلى المحكمة في حالات العنف محاولات أن ينهين النزاعات عن طريق العائلة او الأصدقاء.
وأشارت إلى وجود مجموعة من الجمعيات الخيرية ترأسها مجموعة من السيدات المعنيات بشؤون الأسرة وحالات الطلاق يعملن على صياغة قانون للأسرة. «شكلت وزارة العدل لجنة منها قاضٍ معين ليُشرف على وضع قانون الأسرة بصيغة شرعية، ولكن لم يتم الانتهاء منه نظراً لانشغال البعض وعدم الاتفاق على صيغة، وللأسف هم تجاهلوا تماماً وثيقة مسقط ولم تُقر هذه الوثيقة لأن صيغتها مدنية أكثر من كونها شرعية. وسمعت أخيراً أن هناك اعضاء في مجلس الشورى اقترحوا درس قانون خاص للأحوال الشخصية».
وأوضحت الدوسري أن مجموعة من الناشطين والناشطات والحقوقيين يعملون على الخروج بالقانون إما من خلال تبنيه من قبل 10 أعضاء من مجلس الشورى حتى الحصول على موافقة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله، أو الوصول الى وزير العدل وتمرير المشروع عبر لجنة الخبراء إلى مجلس الوزراء. ولفتت إلى أن 60 في المئة من القضايا التي ترد إلى وزارة العدل هي قضايا أسرية وأن وجود قانون سيعجّل في بت النزاعات ويقلل الضغط على القضاء، وسيُسهل معرفة المشكلات الحقيقية التي تُسبب الطلاق والنزاعات الأسرية، مما سيمكّن الخبراء من إيجاد حلول جذرية لتلك المشكلات.
الغيث يدعو إلى ثلاث مدونات أهمها الأحوال الشخصية
ومن جانبه، ذكر القاضي في وزارة العدل الشيخ الدكتور عيسى الغيث أنه قد صدر النظام القضائي الجديد في رمضان عام 1428هـ وورد فيه تحويل المحاكم الحالية إلى محاكم متخصصة بخمسة أنواع: المحاكم العامة، والمحاكم الجزائية، ومحاكم الأحوال الشخصية، والمحاكم التجارية، والمحاكم العمالية. إلا أن تطبيق نظام القضاء حينها لم يمكن تنفيذه حتى اليوم «لأن نظام المرافعات الشرعية ونظام الإجراءات الجزائية هما الآلية التنفيذية للقضاء المتخصص. وإلى اليوم لم يصدر هذان النظامان. وما تم إصدار القرار بشأنه في الجلسة الماضية للمجلس الأعلى للقضاء هو تحويل الاسم فقط. ولكن إلى الآن المحاكم لم تمارس عملها في الأحوال الشخصية، على غرار تحويل محاكم التمييز باسمها إلى محاكم الاستئناف، مع أنها لا تزال منذ خمس سنوات تمارس عمل التمييز، وتم فقط تغيير الاسم تمهيداً لتغيير العمل بعد صدور نظام المرافعات الشرعية ونظام الإجراءات الجزائية. وكذلك محاكم الأنكحة تم تغييرها كاسم فقط. ولا يزال اختصاص الأحوال الشخصية في المحاكم العامة جميعها بما فيها مدينتا الرياض وجدة».
وأوضح أن هذا التأخير الذي امتد خمس سنوات تقريباً لا تتحمله السلطة القضائية وإنما هو اختصاص السلطة التشريعية. وأضاف أن العمل سيبدأ في محاكم مستقلة للأحوال الشخصية في مدينتي الرياض وجدة فقط نظراً الى لوجود المحكمتين القديمتين فيهما، شارحاً أن المدن والمحافظات السعودية الباقية سيكون فيها دوائر داخل المحاكم العامة تمارس عمل الأحوال الشخصية، ويجوز للسلطة القضائية تشكيل محكمة خاصة بالأحوال الشخصية في أي مدينة أو محافظة» حسب الحاجة.
وحول تأثر قضايا المراة المعطلة في المحاكم بعد تحويلها إلى محاكم أحوال شخصية، شرح الغيث أن تحويل المحاكم هو عبارة عن فصل الاختصاص، قائلا: «على سبيل المثال إن كان هناك مستشفى للنساء والولادة والاطفال، ويتم فصل المستشفى الى ثلاثة مستشفيات، يكون الفصل ادارياً لكن بقي الكادر الطبي والتمريضي كما هو. والأمر نفسه للأحوال الشخصية، فبدل أن يكون اختصاص هذه القضايا في المحاكم العامة، تنتقل الى محكمة الاحوال الشخصية والقضاة أنفسهم ينتقلون من مبنى الى مبنى ومن مكان الى مكان لكن النظام والاجراءات وطبيعة العمل هي نفسها. ما سيتحسن هو الإنتاج كماً وكيفاً، فالمحكمة العامة تختلط فيها النساء مع المجرمين في القضايا الجنائية الكبرى، والقضايا الحقوقية، وما يسببه هذا من تأخير في الأعمال، وحين يتم الفصل لا يأتي اليها الا اصحاب هذه القضايا. فالتخصص يكون أكثر انتاجاً ودقة في المخرجات، وما عدا ذلك أتمنى كما يتمنى الكثيرين غيري ان تكون هناك مدونات شرعية في الأحوال الشخصية من أجل تسهيل طبيعة عمل القضاة، وحتى خارج المحاكم لتكون جميع حقوق المرأة والعائلة معروفة للجميع».
ودعا إلى وجود ثلاث مدونات، واحدة تختص بالحق المدني وتكون ضابطة لعمل المحاكم العامة والمختصة بالقضايا الحقوقية والمالية والعقارية، وأخرى مدوّنة في القضايا الجنائية بحيث تكون مختصة بقضايا المحاكم الجزائية، والثالثة والأهم، من وجهة نظره، هي مدوّنة للأحوال الشخصية حتى يعرف الزوج والزوجة والأولاد والأسرة والمجتمع حقوقهم وواجباتهم قبل أن يذهبوا إلى المحكمة.
ظهرت في السنوات الاخيرة في السعودية محاولات ومطالبات لإيجاد «مدوّنة للأسرة» تكون بمثابة حماية للمرأة من أي انتهاكات تحصل في حقها، وتعرف من خلالها حقوقها وواجباتها. وما زالت «وثيقة مسقط» للنظام الموحد للأحوال الشخصية والمتضمنة 282 مادة متعلقة بالأسرة والزواج والطلاق والإرث، التي أقرها وزراء العدل في دول مجلس التعاون الخليجي عام 2000، محلاً للنقاش والدراسة في السعودية ولم تخرج من كونها إرشادية فقط. فهل هناك بوادر مشروع نظام للأحوال الشخصية أو مدوّنة للأسرة في السعودية؟ وكيف سيؤثر قرار تحويل محاكم الضمان والأنكحة إلى محاكم أحوال شخصية على قضايا المرأة والأسرة؟ ومن الجهة المسؤولة عن الخروج بقانون للأحكام الشخصية؟ «لها» فتحت ملف «مدوّنة الأسرة» موجهة أسئلتها إلى وزارة العدل وبعض المهتمين.
عن وثيقة مسقط
تعتبر وثيقة مسقط للنظام الموحد للأحوال الشخصية لدول مجلس التعاون الخليجي أحد مشاريع تقنين أحكام الشريعة الإسلامية، وتتكون من 282 مادة من الأحكام المتعلقة بالأسرة والزواج والطلاق والولاية والوصية والإرث. ووصلت لجنة الخبراء المختصين في المجلس إلى صيغة أخيرة للوثيقة أقرها وزراء العدل في 20 تشرين الأول/أكتوبر 1996 كوثيقة استرشادية لمدة أربع سنوات، ووافق عليها المجلس في دورته الـ 17 في 9 كانون الأول/ديسمبر 1996، ثم جرى تمديد العمل بها أربع سنوات أخرى في دورة المجلس الـ 21 عام 2000 بناء على توصية وزراء العدل.