في المغرب انتقادات تطال برامج...
مهرجان سينما الذاكرة المشتركة المغربي, أعمال رمضانية, سعيد الناصري, كاميرا, شهر رمضان
27 أغسطس 2012استغباء المشاهدين
لعب المغني سعيد مسكير معد موسيقى جينريك سلسلة الكاميرا الخفية «الصورة المقلوبة» التي تعدها القناة الأولى، دور الضحية في إحدى الحلقات التي بثتها القناة، وهو ما اعتبره المشاهدون «استغباء» لهم، كما أن هذه الحلقة أكدت ما تداوله بعض المنتجين والمخرجين حول فبركة أغلب مواضيع «الكاميرا الخفية» من جانب شركات الإنتاج بغرض الربح المادي.
وحسب ما يظهر من جينريك البرنامج فإن سعيد مسكير هو منتج الأغنية، وفي إحدى الحلقات تم تقديمه كضحية لمقلب «الصورة المقلوبة» التي يتم من خلالها استدراج «الضحايا» لحضور برنامج تلفزيوني حول مسيرتهم الفنية، وتطرح عليهم أسئلة منطقية قبل أن يقلب أحد مقدمي البرنامج الأسئلة خلال عملية المونتاج.
سرقة الفكرة
من جهة أخرى، أثار عرض برنامج «الصورة مقلوبة» على القناة الأولى ردود فعل متضاربة جعلت العديدين يتهمونه ب«سرقة» الفكرة أو على الأقل بتنفيذ مشروع «كاميرا خفية» بمواصفات معينة سبقها إليه آخرون.وكشفت مصادر عليمة أن فكرة البرنامج عرضت أصلا على القنوات المصرية قبل سنوات. كما أن شركة يديرها منتج مغربي قدمت الفكرة ذاتها في برنامج يدعى «غير ضاحكين»، بل أكثر من هذا صوّرت الشركة المذكورة حلقة نموذجية مع الفنانة بشرى أهريش قدمها الممثل يوسف الجندي، في نيسان/أبريل الماضي. إلا أن الجميع فوجئوا بالفكرة ذاتها من تنفيذ شركة أخرى ومن تقديم الممثل يحيى الفاندي.
وأشارت المصادر ذاتها إلى أن بعض الأسئلة التي تضمنتها الحلقة النموذجية للنسخة الأولى «غير ضاحكين»، تم استعمالها في حلقات من النسخة الثانية «الصورة مقلوبة».
وفي سياق متصل كشف المخرج والممثل الكوميدي سعيد الناصري، أن فكرة سلسلة «الصورة مقلوبة» «مسروقة» من عمل تلفزيوني قدمه إلى القناة الأولى عام 2000 بعنوان «عتج» وكان يتضمن فقرة شبيهة بتلك التي تدرج في السلسلة التي تبث حاليا.
وأضاف أنه فوجئ بالبرنامج يبث على القناة الأولى، محملا المسؤولية للمشرفين على البرمجة الذين قال إنه كان مفروضا أن يتنبهوا إلى هذه المسائل ولا يسمحوا بإمطار المشاهدين بأفكار مسروقة.
وتابع مخرج فيلم «الخطاف» حديثه قائلا إن هذا التصرف يكشف الإفلاس التلفزيوني الذي وصلت إليه قنوات القطب العمومي، خاصة القناة الأولى التي باتت، حسب قوله، في مؤخر القنوات التي يشاهدها المغاربة، بسبب عدم قدرة المسؤولين على الانفتاح على الأفكار الجديدة والاكتفاء بتقديم أفكار مسروقة وجاهزة تتكرر في غالبية الأعمال المقدمة والتي جعلت المشاهد المغربي يهجرها.
وعبّر الممثل المغربي عن استيائه من مستوى الأعمال المعروضة على قنوات القطب العمومي خلال شهر رمضان، مؤكدا أن العديد منها يشكل دليلا على فشل مشروع إصلاح القطاع السمعي البصري المؤجل حتى إشعار آخر.
من جهته نفى حفيظ الخطيب، صاحب فكرة وسيناريو «الصورة مقلوبة»، أن تكون فكرة السلسلة مسروقة، مؤكدا أن الطريقة التي نفذت بها الفكرة مختلفة عن ما تم تداوله في القنوات الأخرى سواء المصرية أو ما أنجزه سعيد الناصري سابقاً.
وقال الخطيب إن فكرة هذه السلسلة تقدم بها إلى التلفزيون قبل أكثر من سنتين، وسبق له أن سجل حقوقها باسمه، كما سجل حلقة نموذجية رفقة الممثلة عائشة ماه ماه، وأنه يهدف من وراء هذه السلسلة إلى التنبيه إلى أنه ليس كل ما يمر على التلفزيون حقيقي بالضرورة، بل من السهل التلاعب بالحقيقة في ظل التطور التقني الذي أصبحت تخضع له الصورة.
فيما اعتبر الممثل يحيى الفاندي أن الأصداء تبدو جيدة من جانب الجمهور المتتبع داخل الوطن وخارجه.
كاميرا مفبركة
من جهته علق إدريس الإدريسي المسؤول السابق عن قسم الدراما في القناة الأولى، على الطريقة التي تدار بها برامج الكاميرا الخفية في المغرب، بالقول: إن «الكثير من حلقات الكاميرا الخفية مفبركة ومتفق عليها بين المشاركين فيها وشركات الإنتاج التي تنفذها، والتي لا يهمها سوى البحث عن الربح المادي».
وأضاف: «إن كل شخص يملك ولو القليل من الذكاء بإمكانه أن يكشف أن ما يحصل هو لعبة لا أكثر، فمثلا عند ملاحظة التقنيات التي يتم استعمالها في الكاميرا الخفية كتقنية الصوت فمن غير المعقول أن يكون شخص وسط ساحة كبيرة والكاميرا بعيدة عنه، ومع ذلك يسمع صوته بشكل واضح، مع أن لا مايكروفون يضعه». وأشار الى أنه «شخصيا شاهد إحدى حلقات الكاميرا الخفية تصور عندما كان في مهرجان مراكش وكانت تصور داخل مرآب، ولا علاقة لها بأحداث حقيقية».
وقال المسؤول السابق عن قسم الدراما في القناة الأولى «إن ظاهرة فبركة الكاميرا الخفية تنتشر منذ 12 سنة، ولست أنا من اكتشف هذا، بل هناك الكثيرون من الجمهور والنقاد والصحافيين يعرفون أنه لا توجد كاميرا خفية، وكل ما في الأمر أنه هناك اتفاق مسبق بين مجموعة من الناس الذين يتقاضون مبالغ من المال من أجل تصوير حلقات تحت مسمى الكاميرا الخفية».
وطالب الإدريسي بإيقاف مثل هذه البرامج، وفتح تحقيق مع شركات الإنتاج التي تنتج برامج الكاميرا الخفية منذ ما يزيد عن 15 سنة.
وكشف مصطفى الخلفي وزير الاتصال الناطق الرسمي باسم الحكومة، في رده على مجموعة من الأسئلة الشفوية في مجلس النواب، أن ميزانية الإنتاجات الفكاهية والدرامية الرمضانية على القناتين الأولى والثانية «دوزيم»، لهذه السنة، بلغت ما مجموعه 37مليون درهم مغربي، وأوضح أن الميزانية التي كلفتها إنتاجات القناة الأولى عرفت تراجعا إذ بلغت 36 مليون درهم مقابل 46 مليون درهم خلال السنة الماضية، في حين بلغت ميزانية الانتاجات الرمضانية التي تبثها القناة الثانية «دوزيم» 37 مليون درهم.
ست علل لتحريمها
وبدوره انتقد عدنان زهار، الباحث المتخصص في العلوم الشرعية، برامج الكاميرا الخفية المعروضة في القنوات المغربية، مستنداً إلى ما اعتبره «إفشاء سر المسلم دون علمه، وكشف ما خفي من أمره للناس، ولو علم به ربما ما وافق على نشره»، مشيراً إلى أن هذا نوع من «التجسس المحرم بالكتاب والسنة لكون الشخص يصوّر دون إذنه وعلمه».
وخلص الباحث إلى أن هناك ستُّ علل شرعية تكفي الواحدة منها للقول بتحريم ما يسمى الكاميرا الخفية، أولاها أن الكاميرا الخفية حسب رأيه قائمةٌ أساسا على مخادعة الناس والتحايل والكذب الواضح عليهم، وهو يكفي لتحريمها ولو بقصد ممازحتهم، ثانيتها أنها قائمةٌ أو صائرة إلى تخويف الناس أو ترويعهم، وهذا لا يخفى على مَن شاهدها، فمرة ترى رجلا باكيا، ومرة ترى امرأة فارة مستغيثة، ومرة ترى أحدهما خائفا مرتعبا، وكلُّ ذلك مفاسد كبيرة وجب إيقافها والخوف من اقترافها، ثالثتها أنها تؤدي في أحايين كثيرة إلى الإضرار بالناس إضرارا محققا، فمن الناس مرضى القلب ومنهم مرضى السكري ومنهم مرضى ضغط الدم ومنهم المرضى النفسيون، وكل هؤلاء معرَّضون لهلاك محقق بترويعهم وتخويفهم. وطبعا القيمون على إنتاج حلقات الكاميرا الخفية لا يختارون الناس أو يتعرفون على أحوالهم قبل أن يقيموا عليهم لهيب خداعهم، بل يصنعون ذلك جزافا، فالله أعلم بعدد من مات جراء تعرضه لحيلهم أو من زاد مرضه أو من اضطرب عقله.
رابعتها انه قد تقوم حلقة من حلقات الكاميرا الخفية على باب كبير من أبواب الكبائر كالاستهزاء ببعض القرآن أو النبي أو الأحكام الفقهية أو العلماء، خامستها أن فيها تبذيرا وإسرافا ومضيعةً للمال، فلا شك أن إنتاجَ حلقةٍ واحدة منها بما تحتاجه من معدات ونفقاتٍ يكلف شيئا كثيرا جدا جدا، بل أكبر مما يمكن أن يتصوره الإنسان، في حين لو استعمل ذلك المال في ما هو جد أو جزء منه فقط في مزاح محمود مفيد لكان خيرا للأمة. سادستها ومن علل تحريمها أن فيها مضيعة للوقت، فكم من رجل وامرأة تعطلت مصالحهم وأفسدت عليهم الكاميرا الخفية يومهم وليلتهم، وحسْب القيمين على تفاهتها الاعتذار إليهم بدعوى أنهم مازحون معهم؟
تعرضت برامج الكاميرا الخفية التي تراهن عليها القنوات المغربية للتنافس حول جذب أكبر عدد من الجمهور خلال رمضان، للعديد من الانتقادات خاصة حول ما اعتبره البعض «استغباء» المشاهدين وضربا لمصداقية البرامج التي تبثها القنوات العمومية فضلا عن ردود متضاربة حول سرقة الفكرة، فيما يدعو عالم دين إلى تحريمها استنادا الى عللها الست.