تجارب وذكريات زوجات...
المطبخ اللبناني, مواقع الزواج الإلكتروني, الإفطار, حلويات, شهر رمضان
23 يوليو 2012كشكول الغربة
افتقدت رغدة حسن جو رمضان الأسري طوال الشهر، اذ أمضته مع زوجها في إحدى الدول العربية في أول عام لزواجهما، وهذا لا ينفي أن زوجها تحمل مفاجآت عفوية كثيرة على الإفطار. تقول: «رمضان في مصر طعمه مختلف. أول معاناة عمرو زوجي معي كانت في إصراري الإفطار في التوقيت المصري، فكنا نفطر متأخراً ساعة كل يوم، والحقيقة أن الحنين لم يكن دافعي الوحيد للتأخر في الإفطار، بل بطئي في المطبخ وتمضيتي لغالبية اليوم مع أمي على الإنترنت لأسألها عن الأكلات».
تعترف رغدة بأنها كانت مدللة في منزل الأسرة ولم تدخل المطبخ كثيراً، مما انعكس سلباً عليها بعد الزواج، تقول: «لم ينكشف أمري في البداية، لأن عمرو سافر سريعاً إلى عمله في السعودية، وعندما سافرت لتمضية رمضان معه صدم من كثرة المفاجآت. فمثلاً فشلت في إعداد المكرونة بالبشاميل أربع مرات، في أولاها لم أضبط مقادير البشاميل، واكتشفت ذلك بسؤال أمي على الإنترنت وأخذت منها المقادير الصحيحة، مرة أخرى لم أضبط درجة حرارة الفرن فلم تنضج من المنتصف».
إلى جانب كشكول الغربة الذي حضّرته رغدة بوصفات أمها لبعض الأكلات، كان عمرو زوجها منقذها، وتشرح: «أحياناً كانت تفلح معي وصفات أمي التي دونتها في «كشكول الغربة»، وأعترف أن الفشل بسبب خبرتي الضئيلة، فمثلاً أول مرة سلقت فيها الدجاج وضعت في الماء الكمون بدلاً من الفلفل الأسود. ولأن زوجي أمهر مني لأنه تعلم أن يطهو لنفسه أثناء عمله في الخارج، كانت الخلافات تدور بيننا باستمرار، فمرة وضعت سكر بودرة على الدجاج البانيه بدلاً من الدقيق لأنني لم أعرف أفرق بينهما في الصيام، وأخرى أعددت له مكرونة ووضعت فيها الفلفل الحار أكثر مما ينبغي فلم نأكلها، وأخرى اشترى لنا لحمة كانت كبيرة ولم تنضج لأكثر من أربع ساعات على النار، حتى نسيتها وجلست على الإنترنت وفجأة هرولنا إلى المطبخ على رائحة الحريق فوجدناها متفحمة، حينها دارت بيننا خناقة كبيرة لإهمالي».
وتتابع: «كنا نتخطى تلك المشاكل سريعاً فيشتري لنا عمرو إفطاراً جاهزاً، وغالباً ما كنا نفطر بعد أذان العشاء».
أكلات سهلة
رغم عشق سها إبراهيم لأصناف المحاشي، كانت تأكله مع زوجها لدى والدتها في أول رمضان يمر عليها في عش الزوجية، وتحكي عن تجاربها في المطبخ فتقول: «أفطرت معظم رمضان لدى أمي مع زوجي، فالتقاليد لدينا أن العروس تُعزم غالبية رمضان لدى أمها كنوع من تخفيف الأعباء المنزلية، ولأن عمرو زوجي عاشق للحلوى وأنا كنت فاشلة في صنعها وكنت أشتريها جاهزة، أو أنتهز فرصة إفطارنا لدى والدتي وآخذ منها حلويات تكفيني يومين في منزلي. وعند إعداد الإفطار كنت أركز في اختيار الأصناف السهلة والخضر المجمدة لأنها جاهزة على الطهو مباشرة».
وتضيف: «فوجئت بطلبات زوجي الغريبة في رمضان، فهو لا يفطر بأقل من ثلاثة أنواع من المشروبات، حتى وإن لم يشرب إلا واحداً لكن يجب أن يرى السفرة زاخرة بالأنواع المختلفة، والشوربة لديه طبق أساسي مع السلطة، فيما عدا ذلك فهو يأكل أي شيء، ويا حبذا إذا كان مكرونة، ولأنني لم أكن معتادة على وقفة المطبخ الطويلة لم أطرق باب المكرونة بالبشاميل إطلاقاً».
تشيد سها بتشجيع زوجها لها في أول رمضان يمر عليهما قائلة: «لم ينتقدني إطلاقاً. حتى في المرة التي احترق فيها الإفطار وغلبني النعاس من الإرهاق، اشترى إفطاراً جاهزاً ولم يوبخني بكلمة قط»، مؤكدة أن منقذها في الأكلات الجديدة وتلافي ملل الأكلات مجلات المرأة المصرية، خاصة أنها كانت تقدم أطباقاً سهلة التحضير.
مفاجآت لا تنتهي
دينا أيضاً أمضت أول رمضان مع زوجها في الخارج، وخرجت أول أكلة مصرية من يديها بنجاح باهر، لكن المفاجأة كانت في الأرز، وتقول: «أخذت وصفة «البسلة» من أمي ونجحت وكنت طائرة من الفرح، وانتهيت من كل أصناف الإفطار وبالطبع الأرز آخر طبق أعده حتى يكون ساخناً، فأعددت الأرز بالشعيرية، وكانت المفاجأة أني قلّبته على النار أكثر من ساعة حتى تتحمر الشعيرية وعند نضجه لم يكن الأرز الذي تعودنا على أكله في مصر. واكتشفت أنه كان يجدر بي تحمير الشعيرية أولاً قبل إضافة الأرز، وفي ذلك اليوم أفطرنا بالخبز، وقبل اكتشاف مفاجأة الأرز حضّرت مهلبية قمر الدين كما تحضرها أمي ووضعتها في الثلاجة، وبعد الإفطار اكتشفت أنها لم تتماسك وعندما اتصلت بوالدتي لمعرفة السبب علمت أنني لم أضف إليها النشاء، فشربناها كمشروب».
وتضيف: «أنا عاشقة للمطابخ الفلسطيني والأردني والسعودي والإيطالي، ولدي «كشاكيل» وصفات تعلمتها من قناة تلفزيونية للطهو. لكن هذا لا يمنع أن تلك الوصفات قد تخذلني أحياناً. مرة قررت أعمل أكلة اسمها «ستروغونوف»، مكونها الرئيسي شرائح اللحم البتلو والمشروم (الفطر). وبالطبع مدة تسوية البتلو لا تتعدى العشرين دقيقة لكني ظللت أسوي فيها أكثر من ساعة ونصف الساعة واكتشفت في النهاية أن اللحم «كندوز»، يومها زوجي أفطر بالجبن ورفض أكلها بعد نضجها وكانت سبب خلاف بيننا، خاصة أنه أكول».
بعد ثلاث سنوات من الزواج والتجارب المستمرة أصبحت دينا طاهية ممتازة، وتقول: «الآن أعطي الوصفات الجديدة ومقاديرها لمن يريد، ووصل بي الحال أنني عملت نوع كيك جديداً وقدمت منه لحماتي ولم تصدق أنني أعددته في المنزل، وسألتني عن المكونات والطريقة لأفاجأ بها في زيارتي التالية لها أحضرت لي مكونات الكيك وتطلب مني إعداده. حتى أمي من حين إلى آخر تسألني عن أكلات جديدة وتأخذ مني المقادير وطريقة الطهو».
عادات جديدة
تزوجت سها صبري قبل رمضان بأسبوعين، فأصبح مطلوباً منها الوقوف يومياً ولساعات طويلة في المطبخ قبل انتهاء شهر العسل، والأهم من ذلك أنها فوجئت بعادات غريبة لزوجها على الأفطار: «صدمتني طلبات زوجي الغريبة في رمضان، فالإفطار بالنسبة إليه يجب أن يكون فيه شاي بحليب وفول حتى ولو شرب من الشاي بالحليب جرعة واحدة فقط، الى جانب أربعة أنواع عصائر على الأقل. فأحياناً كان الوقت يسرقني فلا أصنع إلا ثلاثة أنواع وأستعيض بالمياه الغازية عن الرابع، خاصة أن شرطه الأساسي أن أصنع العصائر منزلياً فهو لا يحب الجاهز. وبالطبع الأمر كان مفاجأة بالنسبة إلي، خاصة أن هناك أنواعاً لا أجيدها مثل الخروب والدوم، لكنني كنت حريصة على إرضائه وتعلمت طريقتها الصحيحة من مواقع الطهو على الإنترنت».
وتتابع: «الطلبات الأغرب من العصائر المتنوعة، كانت الملوخية والسلطة والشوربة كأطباق أساسية على مائدة أول يوم رمضان، فشعرت بأنني وقعت في ورطة ولم أستطع تقديم الشوربة، فلم يعترض زوجي واستعاض بالملوخية عنها، خاصة أنني أعددت له شركسية رائعة أخذت طريقتها من حماتي، بالإضافة إلى الأرز بالخلطة. فمر أول يوم رمضان بلا حوادث... أما الاكتشاف الأغرب في زوجي أنه يسألني أكثر من خمس مرات يومياً عما سأعده للإفطار، فهو يشعر بأنه سيأكل كثيراً لكن بمجرد أن يرى الطعام ويشرب العصائر والشوربة لا يأكل كثيراً».
تؤكد سها أن تخرجها في كلية السياحة والفندقة، وعملها في هذا المجال قبل الزواج منحاها خبرة لا بأس بها في المطابخ الأوروبية كالإيطالية والفرنسية، أما المطبخ المصري فكانت تستعين بخبرة أمها وحماتها فيه، وتضيف: «هذا لم يمنع فشلي الذريع في إعداد الحلوى حتى عام مضى، ولم أحترفها إلا بعد البحث في مواقع الإنترنت، خاصة منتدى «فتكات» الذي تتبادل فيه غالبية النساء خبراتهن، بالإضافة إلى قناة «فتافيت» للطهو».
أهل الخبرة
يفسر الشيف حسن كمال مقدم برنامج «المطبخ» على فضائية «الحياة المصرية»، عدم اهتمام الفتيات بتعلم المطبخ المصري بتغير أذواق الجيل الجديد وحرصه على إعداد الأكلات غير التقليدية التي يأكلنها في المطاعم، مثل سلطة الـ»كول سلو» وأنواع الفيليه، والشوربات الجديدة مثل شوربة البصل أو المشروم بالكريمة.
وينصح المتزوجات حديثاً والمقلبلات على الزواج بمتابعة برامج الطهو التعليمية، التي تقدم المقادير مضبوطة، مع الالتزام بالمقادير وطريقة الطهو كي تخرج الأكلة كما هي مقدمة عبر الشاشة.
ويفسر تأخر البعض في إعداد الإفطار بدخولهن المطبخ بعد أذان العصر، ويقول: «رمضان هذا العام حار جداً، ويفضل أن تجهز المرأة وجبتها ليلاً، كي لا تشعر بالإرهاق، وتتركها على التسوية فقط وإعداد الأرز والسلطة، وبهذا إذا دخلت المطبخ بعد أذان العصر ستنجز مهماتها قبل أذان المغرب كما تريد بلا أي تأخير».
ولضمان نتائج أفضل في الحلوى، ينصحكِ الشيف حسن بالالتزام بالمقادير، وتوفير الأدوات الأساسية مثل مضرب البيض والعجانة، مع ضرورة استعال فرن كهربائي ذي مروحة لضمان توزيع الحرارة بشكل جيد وموازنة التسوية في كل الجوانب.
مواقف صعبة وطرائف مرحة تعرضت لها كل زوجة في «سنة أولى مطبخ في رمضان»، فما بين الأكلات الفاشلة والتأخر على مواعيد الإفطار والاستعانة بنصائح الأمهات والجدات ووصفات الإنترنت تكمن الذكريات والتجارب التي ترويها لنا الزوجات لتكون دروساً أيضاً لكل زوجة تخوض تجربة سنة أولى رمضان.
في أول رمضان لها لم تغامر أميرة شعبان بصنع الحلويات في مطبخها، وقررت الاستعانة بالجاهز لأنها لم تكن صانعة حلوى ماهرة. هكذا تخلصت من أكثر أمور المطبخ إزعاجاً لها في رمضان. أما مشكلتها الأساسية في إعداد وجباتها الرئيسية للإفطار فكانت التأخر لما بعد أذان المغرب، وتقول: «في الأيام العادية كان من الطبيعي أن يحترق الطعام أثناء الطهو، لكني كنت حريصة أشد الحرص ألا يحدث ذلك في أول رمضان، كي لا أترك ذكرى سيئة لدى زوجي. وبالفعل لم تفسد أكلة مني قط، لكن مشكلتي حينها كانت عدم تقدير المواعيد التي تحتاجها الأكلات بالضبط، فكنا نفطر في وقت متأخر يومياً، خاصة أنني كنت أعمل في شركة ملاحة ولم يكن لديَّ متسع من الوقت، ففور خروجي من العمل أشتري متطلبات المطبخ ثم أجري إلى المنزل لأعد الإفطار».
وتضيف: «بسبب بطئي في الطهو استعنت بطباخة في أول عزومة لأسرتي وأسرة زوجي على الإفطار. حينها رتبت للعزومة بفترة طويلة، واستيقظت فجراً لأبدأ في تجهيز الخضار وبقية الأصناف، حتى جاءت الطباخة لتساعدني. ورغم أنني طهوت أنواعاً كثيرة، إلا أن ذلك كان اليوم الوحيد الذي أفطرنا فيه مع أذان المغرب، أتذكر أنني لم أخاطر بأكلات صعبة، فنوعت لهم أصناف الدجاج لأنني أتقنه، فقدمت الدجاج المحشوّ والمشوي والأرز بالخلطة والمسقعة بالبشاميل والدجاج البانيه واللحمة الباردة ومحشي ورق العنب، إلى جانب السلطات الجديدة مثل «الكول سلو» فأنا فنانة في كل السلطات التي تحتوي على مايونيز».
تعترف أميرة بأنها لا تجيد طهو الأكلات التقليدية، وتقول: «قبل الزواج كنت مهتمة جداً بقراءة كتب الطهو المختلفة والمتنوعة، وكنت أعد منها بعض الأكلات، وبالفعل كانت منقذتي في أول رمضان يمر عليّ في بيت الزوجية، والأجمل من ذلك إصراري على اختراع أكلات جديدة أثناء الصيام، منها ما كان يبهر طعمه زوجي، ومنها ما كان يشيد به ثم ينصحني بلطف ألا أعده مرة أخرى».