كابوس الطلاق في سنوات الزواج الأولى
طلاق, سلمى المصري, مواقع الزواج الإلكتروني, د. سامية خضر, عنف جسدي
03 ديسمبر 2012المبادرة بالصلح
ترى دينا أحمد، 26 عاماً، ربة منزل، أن الطلاق المبكر خصوصاً في أول عام ظاهرة قديمة وليست وليدة الألفية الثالثة.
وتقول: «أم صديقتي وجارتي في العمارة طُلقت في الثمانينات بعد أول عام زواج، وكانت دائماً تحكي لي ولابنتها سبب الطلاق كي نتعظ ولا نقع في السبب نفسه. ولم تثمر زيجتها إلا ابنتها التي كان عمرها شهرين وقت الطلاق. وهي نادمة لأنها قبلت بزيجة تقليدية ولم تكتشف بخل زوجها وكذبه إلا في بيت الزوجية، الأمر الذي لم تستطع التأقلم معه أكثر من عام ففرت هاربة من الجحيم الذي اختارته بنفسها».
وتضيف: «كانت جارتنا تنصحني وابنتها دائماً بضرورة حسن الاختيار وتحكيم العقل لحل مشاكل أول عام زواج، وبالفعل أخذت بنصيحتها، وأحمد الله أن زوجي طيب القلب والخلق، لكن ذلك لم يمنع الخلافات بيننا، وأنا أعتبرها خلافات صحية تقرب وجهات النظر أو تزيد تفاهمنا. ورغم أنني تقريباً لم أعش خلافات أول عام زواج لأنه كان مسافراً يعمل في الخارج، فقد عشتها في العام الثالث لزواجنا عندما استقررت معه هناك، فبدأت التعرف على شخصيته وطباعه، وابتعدت عن أسباب المشاكل التي تحدث بيننا كي أتلافاها، ودائماً ما يدين لي زوجي بالجميل لأنني لا أتركه ينام وهو غاضب مني، وأبادر دوماً بمصالحته حتى وإن لم أكن أنا المخطئة».
الحموات
تقول المهندسة نرمين بليغ، إن الحموات يلعبن دوراً كبيراً في الطلاق المبكر، لأنهن يتدخلن في حياة الزوجين وأدق شؤونهما، وتهدف كل حماة إلى الحفاظ على حياة ابنها حتى ترى في النهاية أنها دمّرت زيجته.
كما ترجع سبب الطلاق المبكر في مصر إلى الأزمات الاقتصادية التي تواجه الزوجين في بداية حياتهما، وتقول: «لو لم يكن لدى الزوجين بعض الوعي وحسن التخطيط الاقتصادي قد ينهار كل منهما ويؤولان إلى النتيجة التي نهرب منها، فبعد عامين من الزواج استطعت التغلّب على جميع المشاكل من اختلاف طباع وعدم تفاهم وغيرهما، إلا أن المشاكل التي ما زالت تظهر أمامي حتى الآن تكمن في الأزمات الاقتصادية، خاصة أنني وزوجي نرفض مساعدة أهالينا ونريد أن نبني حياتنا بلا مساعدات خارجية. ولأننا متفقان على المبدأ ونحب بعضنا ومتفاهمان جداً، نتغلّب على تلك الأزمات بحسن التخطيط».
كابوس الخطوبة
نظراً إلى كثرة حالات الطلاق المبكر التي تراها في صديقاتها وعملائها، تعيش مهندسة الديكور مي عصمت كابوس الطلاق المبكر في فترة الخطوبة.
تقول: «أحاول دائماً تحويل رعبي إلى خوف إيجابي، وأنظر بعقلانية إلى أسباب الطلاق كي أتفاداها وأستطيع التعامل معها بحكمة بعد الزواج. مثلاً زميلتي في العمل انفصلت عن زوجها لأنه يريدها ألا تعمل، لذا اتفقت على تلك النقطة مع خطيبي بكل تفاهم وود حتى لا تكون عقبة في حياتنا في ما بعد. فضلاً عن ذلك، اكتشفت من خلال النماذج المحيطة أن اختلاف الطباع والتظاهر بالمثالية أثناء فترة الخطوبة عامل كبير في الانفصال المبكر بعد اكتشاف الشخصيات بعد الزواج، أما الاصطدام بمسؤولية الزواج فهو الكابوس الحقيقي لكل رجل أو امرأة مدللة، وإن لم يكن أحد الطرفين أو كلاهما مستوعباً لمدى حجم المسؤولية تأتي رياح الزواج بما لا يشتهي فيفر منه هارباً بالطلاق».
شر لابد منه
«خلافات أول عام شر لابد منه وهي بداية الانفصال، إن لم يتمتع الزوجان بصبر وحكمة لن يكملا طريقهما معاً، ولقد دبّت بيني وبين زوجي مشاكل كثيرة في أول عام، لكنه استوعبها بمنتهى الحكمة والصبر ولم يصرّ على التمادي فيها»... بتلك الكلمات بدأت رغدة حسن، 25 عاماً، حديثها عن أسباب الطلاق المبكر.
وأضافت: «فضلاً عن أن البنات لا يستوعبن اختلاف الزواج عن الخطوبة، فالزوجة ما زالت تنتظر من زوجها تصرفات حبيبها العاشق، رغم أنه يعيش معها في المنزل نفسه. وتقع الكثيرات، وأنا منهن، في خناقات بسبب الخروج، فتفكير الرجل يختلف بعد الزواج، ولا يخرج مع زوجته إلا من أجل التسوق للمنزل وأحياناً يتركها تتسوق بمفردها. أما المرأة فتصرّ على الخروج معه إلى أي مكان آخر لترتاح من ضغوط المنزل».
وفي النهاية تؤكد رغدة أنها تحاول دائماً ألا تطيل المشاكل وتحاول تلافي ذلك، رغم أنه مسافر، وتقول: «خناقات أول سنة كلها بسبب الطبخ، لأنني لم أكن أحب شغل البيت وفوجئت بالمسؤولية الكبيرة، وأنا في الأساس شخصية غير منظمة عكسه، فهو يعشق النظام. وكنت أنتظم أسبوعاً ثم نتشاجر ثانيةً، وتكون المشاكل كلها هكذا حتى نتعود».
أرقام كبيرة
يؤكد الدكتور أحمد عبد الله، أستاذ الطب النفسي في كلية الطب جامعة الزقازيق، أن أرقام الطلاق المبكر في تضخم مستمر، وأنه حذر كثيراً من الوصول إلى التضخم، فقد كشف أحد الإحصاءات سابقاً أن 50 في المئة من المتزوجين ينفصلون في العام الأول، ومازالت المشكلة قائمة بلا حل.
ويوضح: «غالباً لا يُقدِّر الرجل أن الفتاة المعاصرة متواضعة القدرات في المسؤوليات المنزلية، وهو ينتظر منها أن تكون بمهارة أمه فتدبّ الخلافات بينهما. أما هي فتنتظر منه رقة الحبيب فيصطدم كلاهما بالواقع وتتفاقم المشاكل، فضلاً عن افتقادنا ثقافة إدارة الأزمات الزوجية التي قد تكون في بداية الزواج ناتجة عن الغيرة أو ضغوط الحياة، وأحياناً تنبع من الملل الزوجي».
يضيف: «الأهم من ذلك غياب تصوّرنا عن السعادة، ففي الغالب نربطها بأشياء مادية، فالرجل والمرأة يربطان زواجهما بإيجاد شريك يوفر السعادة، لكن الحقيقة أن السعادة معنوية لن يوفرها إلا الإنسان لنفسه، وعليه أن يتعامل مع ضغوط الزواج بإيجابية ليحصل على سعادته. بالإضافة إلى ذلك فإن الطلاق أصبح أخف وطأة من ذي قبل ولم يعد وصمة اجتماعية كبيرة، فضلاً عن أن المرأة أصبحت مستقرة مادياً ووظيفياً، وبالتالي لا يبذل كلا الطرفين مجهوداً لاستمرار العلاقة فترتفع بالتالي نسبة الطلاق المبكر».
مشكلة تنشئة
ترجع الدكتورة سامية خضر الطلاق المبكر إلى مشكلة تنشئة في المقام الأول، وتضيف: «أكثر أسباب الطلاق المبكر انعدام ثقافة الحوار بين الطرفين، فالعروس لا تزن العريس إلا بمقدار ما يملك من أموال، بينما الرجل يقوّمها بقدر جمالها وأنوثتها. وظهر أخيراً بعض الرجال الذين يقوّمون العروس حسب راتبها».
وتضيف: «يرجع الطلاق المبكر أيضاً إلى سلبية الأهل في معاملة الزوجين، فالأهل نوعان، إما يتدخلان في تفاصيل الحياة مما يزيد الخلافات الزوجية، أو يبتعدان كل البعد حتى في الحالات التي تحتم تدخلهما للحد من النزاع. لذا فإننا ننادي بضرورة وسطية الأهل، وعلى الأم تربية ابنتها على أنها زوجة عاقلة لا فتاة مدللة، وعند تربية الابن لا بد أن تربيه على أنه رجل يحترم المرأة وكيانها. يجب أن نفهم أن هناك متغيرات ولا بد أن نتعلّم كيف نتواءم كأزواج وأمهات وحموات مع الظروف التي تتغير».
وتقدم الدكتورة سامية خضر، أستاذة علم الاجتماع، مجموعة نصائح زوجية، تساعد على تقليص الخلافات إلى أدنى حد:
- التدرّب على الذكاء الاجتماعي، ولا مانع من اللجوء إلى دورات تدريبية لتعليم الأزواج الذكاء الاجتماعي وسياسة التفاوض، فالليونة والدبلوماسية في المعاملة مطلب أساسي في الحياة الزوجية.
- لابد أن تبتعد المرأة عن التعامل بندّية، وتستعمل ذكاءها في تعاملها مع الزوج، فهناك كلمات ساحرة تأسر قلوب الرجال، كأن تدعو له بالتوفيق دائماً، وتعتاد على شكره كلما قام بمهمات أسرية حتى ولو كانت بسيطة.
- في حال الخلاف الشديد، على الزوجين التروي قبل اتخاذ أي قرار، والانتظار حتى تهدأ عصبيتهما.
- بعد انتهاء الشجار على كل طرف محاسبة نفسه أولاً بكل موضوعية قبل أن يلقي باللوم على شريكه، ولا داعي للعجرفة إذا وجدت المرأة أنها المخطئة وعليها المبادرة بصلح زوجها، والكلام نفسه للزوج إذا وجد أنه هو الطرف المخطئ.
- قبل الزواج يجب أن يضع كلا الطرفين بنوداً محددة لكيفية العلاقة بينهما، ولا بد أن تشمل في المقام الأول عدم الاستهزاء بمشاعر الآخر، وعدم التشاجر أمام الأهل، كذلك الاتفاق على تحديد موقف حاسم إذا بدرت كلمة جارحة ولا يرد عليها بأخرى جارحة.
- لا بد من مراعاة فن الاعتذار والتقدير بداية من فترة الخطوبة والتدرّب على كلمتي آسف وشكراً .
دراسة تؤكد: الفيديو كليب في قفص الاتهام
كشفت دراسة اجتماعية للدكتورة عزة كريم، أستاذة علم الاجتماع في المركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية، ارتفاع نسبة الطلاق في مصر إلى 45 في المئة عام 2008 بزيادة 20 في المئة عن عام 1980.
وقالت الدراسة إن الفضائيات هي من أهم أسباب الخلافات الزوجية وارتفاع نسبة الطلاق، موضحًة أن أغنيات «الفيديو كليب» التي تعرضها باستمرار تركز على الغرائز الجنسية وإبراز صور المرأة بالشكل الذي يثير الرجل بأساليب مستفزة، بدايةً من الكلمة، مرورًا بالحركات الإيحائية، ونهايةً بمرحلة تصوير الكليبات داخل غرف النوم.
وأكدت أن العديد من الزوجات يشعرن بالاستفزاز من الفيديو كليب، ويعانين مشكلة مقارنة أزواجهن المستمرة بينهن وبين «الموديلز» اللواتي يظهرن في الكليبات، من حيث شكل الجسم وطريقة حركة المرأة.
وأشارت إلى أن السيدات يشتكين من اتهام أزواجهن لهن بافتقاد الأنوثة، وأن المرأة الجميلة هي التي يشاهدونها على الشاشة، مما أدى إلى حدوث الكثير من المشاجرات الزوجية، كما دفع بعض الفتيات إلى تقليد «الموديلز» في طريقة اللبس، حتى أن الشاب أصبح يهتم عند اختيار شريكة حياته بشكلها الخارجي فقط.
ولفتت كريم إلى أن زيادة عنف الأزواج في المرحلة الحالية سببها صورة الرجل القاسي التي أصبحت شيئًا طبيعيًا في الدراما المصرية، أو العكس الرجل الرومانسي الذي يحرك مشاعر المرأة، خاصةً إذا كانت تعاني الحرمان العاطفي، الأمر الذي يولد مشكلات زوجية قد تصل في بعض الأحيان إلى الطلاق.
شهد العام الماضي 151 ألف حالة طلاق في المجتمع المصري، بزيادة 2557 حالة عن العام الذي سبقه، وذلك بحسب أحدث إحصائية للجهاز المركزي للتعبئة العامـة والإحصاء. وسجّلت النساء أعلى نسبة طلاق في الفئة العمرية من 25 إلى أقل من 30 سنة، حيث بلغ عدد الإشهارات فيها 35 ألفاً و397 إشهاراً بنسبة 23.3 في المئة، وهو مؤشر لارتفاع معدّلات الطلاق في سنوات الزواج الأولى. فما هي أسباب زيادة حالات الطلاق في تلك السنوات المبكرة من عمر الزواج، وكيف تتلافى المتزوجات حديثاً وقوعه؟
هدير، 27 عاماً، مدربة تنمية بشرية، طلبت الطلاق بعد أربعة أشهر من الزواج، وتحكي قصتها قائلةً: «زوجي طبيب ماهر، أعجبت بطموحه وطيبة قلبه، فاقتربت منه أكثر حتى طلب مني الزواج. كنت أسعد إنسانة على وجه الأرض، ولم أشك في حسن اختياري ولو للحظة، إلا أنني صدمت بشخصية لم أكن أعرفها بعد الزواج، حتى أنني فكرت في الطلاق أثناء شهر العسل. فهو شخص اتكالي جداً، ابن أمه، سريع التشاؤم إلى درجة أنني كنت أتحسس الكلمات وأنتقيها قبل التفوه بها. ورغم اعتراضي الكامل على شخصيته ظللت أبعد فكرة الطلاق عن تفكيري قدر المستطاع، حتى وجدت أمه تناقشني في سر من أسرار غرفة النوم، فعلمت أنه يحكي لها أدق تفاصيل حياتنا! حينها لم أتردد في طلب الطلاق، ولم أعبأ بكلام الناس كثيراً، لأنني لم أتصور يوماً أن يكشفني زوجي أمام الغرباء».