قانونيات سعوديات متفائلات بمزاولة المحاماة
عمل المرأة, حقوق المرأة, أنظمة, القانون, المرأة السعودية / نساء سعوديات, موقع / مواقع إلكترونية, محاماة
06 مايو 2009يقارب عددهن الخمس والأربعين طالبة قرّرن أن يكن أولى الفتيات السعوديات في المجال القانوني، رغم علمهن اليقين بأن المهنة لا تزال في قالبها الضيق بسبب عدم السماح لهن بمزاولة مهنة المحاماة بشكلها المتعارف عليه. إلا أنهن قررن خوض المجال بكل ما فيه من صعاب ليجدن وظائف شاغرة في المؤسسات الحكومية، والقطاع الخاص، ودور الحماية في السعودية. حاولت السعوديات إثبات جدارتهن داخل أروقة المحاكم كممثلات لسيدات، اما كوكيلات شرعيات يدافعن عن حقوق سيدات استعن بهن للدفاع عنهن وعن حقوقهن، أو عن طريق تفويض من المؤسسة التي تعمل فيها القانونية، كما يطلق عليها لأنها حتى الآن لا يحق لها بلقب المحامية بسبب عدم إصدار تصاريح بمزاولة المهنة. وفي ظلّ التغييرات الحكومية والوزارية الجديدة تأمل القانونيات في تغيير القوانين الحالية والسماح لهن بمزاولة مهنة المحاماة كما في الدول العربية.
أوضاع المحاماة في السعودية كما ورد في إحدى الصحف المحلية: صدر نظام المحاماة لتقنين إجراءات التقاضي عام 1425 هـ
- 1000 محام تقريباً مُنحوا تراخيص لمزاولة المهنة
- 60 محامياً مزيفاً ضبطوا مؤخراً
- 45 خريجة من جامعة الملك عبد العزيز ينتظرن السماح بالعمل في مهنة المحاماة
- ميثاق المحامين يقضي بعدم ترافع محام ضد زميلة في قضايا الأتعاب والسلوكيات
- تصنيف المحامين لمواكبة العمل في المحاكم التخصصية وذلك عبر اللجنة الوطنية
- غالبية المحامين يرفضون قضايا الأحوال الشخصية لقلة العائد المادي وطول التقاضي فيها
تعيين خمس مستشارات للترافع بخمسة آلاف ريال شهرياً
نشرت إحدى الصحف المحلية تصريحاً لمدير جمعية دار الحماية لافي البلوي جاء فيه أن الدار توجهت في الفترة الأخيرة إلى الاستعانة بخرّيجات القانون، والهدف من ذلك اتاحة الفرصة لهن للترافع في قضايا النزيلات. وقال: «تمّ تعيين رنا القرني مستشارة للجمعية وحصلت على توكيل لدرس جميع القضايا التي ترد إلى الجمعية. وسيتمّ تعيين خمس خرّيجات جديدات للدار برواتب تتجاوز 5 آلاف ريال شهرياً.
المحامي ماجد قاروب: إصدار تصاريح للخريجات قيد الدرس
من جهته، أوضح رئيس اللجنة الوطنية للمحامين في مجلس الغرف السعودية ورئيس لجنة المحامين في غرفة جدة ماجد قاروب، أن مجالات العمل متعددة ومتنوعة لخريجي القانون، كالقطاع الحكومي في الوزارات، إضافة إلى القطاع الخاص ومن ضمنه مكاتب المحاماة. وقال: «النظام حدّد من يعمل في مجال تقديم الاستشارات القانونية وأعمال المحاماة بأنه الشخص المرخّص له من الوزارة بعد اجتيازه أهم المتطلبات ومنها الشهادة الجامعية، والتدريب النظامي المسجل في وزارة العدل وبالأخص في الإدارة العامة للمحاماة. وفي ضوء هذا يبقى إطلاق لقب محامية على خريجة القانون مخالفة نظامية، ومن يزعم أنه محام يتعرّض لغرامة مالية تصل إلى 50 ألف ريال. وبالتالي يجب أن يطلق على المتخرجات من الجامعات السعودية لقب الحقوقية، أو الباحثة القانونية وليس المحامية أو المستشارة القانونية حتى لا تكون عرضة للمساءلة القانونية».
ولفت إلى أن التدريب النظامي هو المسجل في وزارة العدل وهو الذي لم تحصل عليه خريجات الجامعة من قسم القانون.
وعن بعض الأنشطة القانونية التي تمارسها بعض الخريجات أضاف: «إنشاء المواقع الالكترونية القانونية للإجابة على الجمهور، أمر جيد من الناحيتين الاجتماعية والإنسانية لكن يجب أن تعلم القانونية أن الإقدام على هذا العمل دون خبرة يسيء إلى القضاء، وعمل المحاماة، ويخالف النظام حتى وإن كانت تقدم المشورة دون أجر، لأن تقديم المشورة هو المنصوص في النظام، أما الأجر فغير منصوص عليه، إضافة إلى أنها تسيء إلى المتقدمين لها لأن التخرج من الجامعة لا يجعلها صاحبة خبرة في الأمور القضائية».
ويؤكد قاروب أن القطاع الحكومي والقطاع الخاص قادران على استيعاب العدد المتخرج من الطالبات، مضيفاً: «مجالات العمل متعددة ومتنوعة لخريجي قسم القانون في القطاعين الخاص والعام، فالمحاماة ليست المجال الوحيد. وهناك فرق بين الأمنية وبين المتعارف عليه. وعلى سبيل المثال لدينا البنوك، شركات التأمين، الشركات المالية والاستثمارية التي بإمكانها استيعاب القانونيات الخريجات. أما في القطاع الحكومي فهناك وزارة الداخلية، هيئات حقوق الإنسان، وزارة الصحة، وزارة العمل، وزارة الخارجية. وكل هذه الإدارات لديها طلب على خريجات القانون بما فيها وزارة الشؤون الاجتماعية».
ويكشف قاروب أن إصدار تصاريح لخريجات القانون بممارسة المهنة مشروع قيد الدرس، مضيفاً: «التغييرات الحكومية الأخيرة الغرض منها تطوير منظومة العمل بشكل عام. لكن ذلك لا يعني تخطي ثوابت شرعية».
القانونية دارين المباركي: الموقع فكرة لمساعدة من هم بحاجة إلينا لإستشارات وقد أثبت فعاليته
دارين المباركي هي إحدى خريجات قسم الأنظمة في جامعة الملك عبد العزيز الذي يتفرع منه قسم القانون. أنشأت موقعاً له كثير من المزايا كونها لا تحبذ العمل ضمن القطاع الخاص أو الوظائف الحكومية خصوصاً أنها تجد متعة في ممارسة عملها القانوني ومساعدة الغير. قالت: «القانون كان رغبة شديدة في داخلي مما جعلني أحبذ فكرة أن أكون أولى خريجات هذا القسم مع أننا على علم بأن المهنة في السعودية لن تمارس بشكلها المعتاد. القانون ينقسم قسمين، الأول هو ممارسة الترافع، والثاني هو العمل في مجال الشؤون القانونية التي تفتح المجال للخرّيجات للعمل في المجال القانوني في البنوك، دور الحماية، الجمعيات الخيرية، الشركات الخاصة، المستشفيات، هيئة حقوق الإنسان».
ولفتت إلى أن القسم «لم يفتح سابقاً رغم وجود هذه المنشآت منذ مدة طويلة. ولكن التغيير يتطلّب وقتاً. والقانون مثله مثل أي قسم آخر يحتاج إلى تقبّل من المجتمع، وعندما تغيرت النظرة إلى هذه المهنة وأصبح هناك انفتاح أكبر كان للقانونية مجال للعمل».
وتضيف: «لفظ محامية لا يمكن أن يطلق إلا وفق شروط معينة، أهمها أن يكون اسمها مسجلاً ضمن الممارسين للمهنة، وحاملة رخصة رسمية من الجهات المختصة بصفتها محامية. عدا ذلك لا يمكن أن يطلق على المرأة محامية، وإنما فقط قانونية».
وعن الموقع الذي أنشأته قالت: «بدأت الفكرة عندما كنت في السنة الثانية في الجامعة وغالبا ما كان يطلب منا العديد من البحوث، ولم أكن أجد مواقع غير ربحية تفيدني، لأن هناك العديد من المواقع ولكن تتطلب دفع مبالغ معينة. من هنا كانت فكرة الموقع القانوني ليخدم كل طالب وكل باحث عن معلومة قانونية. وبالفعل أنشئ الموقع عن طريق الأستاذ أحمد عبد العويبدي، وهو متخصّص في إنشاء المواقع الإلكترونية وإدارتها. وفي الموقع بدأنا بتجميع كل الأنظمة القانونية العربية والسعودية، مع أقسام خاصة لنقاشات القانونيين بعضهم مع بعض. وفي سنته الأولى كان مجرّد موقع كمرجع قانوني للإستطلاع والتثقيف، ولكن أحمد العويبدي طوّره ليستقبل أيضاً المشاكل لتقديم الاستشارات، خصوصاً لذوي الاحتياجات الخاصة.
وبالفعل تمّت الفكرة وانضمّ عدد من المحامين إلى الموقع لتقديم الاستشارات، ليتكوّن الفريق من عشرة أشخاص، إلا أن العدد في تزايد خصوصاً بعد انتشار فكرة الموقع».
وأوضحت أن الموقع يقدّم الاستشارات القانونية، وخدمة إعداد اللوائح في أي مرحلة من مراحل الدعوى، أيضاً التوجيه والمتابعة. وبلغ عدد القضايا التي وصلت إلى الموقع ما يقارب 400 قضية تنوعت ما بين الاستشارات، اللوائح، إبرام العقود، التوجيه، تقبل قضايا الأحوال الشخصية. وتقدم الخدمات وخصوصاً الاستشارات بشكل مجاني تماماً.
وتضيف دارين: تصفّح الموقع سهل جداً لأنه على شكل منتدى، بحيث أنه مقسم إلى عدة أقسام كل بحسب احتياجه. وهناك قسم مخفي لحامي الموقع بحيث تكون كل استشارة مبنية على دراية وخبرية، إذ يقوم الأعضاء بالبحث في ما بينهم في القضية، وتقدم الاستشارة بحسب الصكوك والأسانيد المختصّة بالقضية. وحقيقة في البداية لم أجد التفاعل من الجمهور، ولكن مع المصداقية التي وفّرناها في الاستشارات القانونية، وأيضاً أمام المبالغ الباهظة التي يتطلبها من المحامون، بدأ الموقع يجد رواجاً بين العامة والخاصة».
وأشارت إلى أن معظم قضايا الموقع من الأحوال الشخصية من قضايا طلاق، أو عنف، أو خلع. وهذه النوعية من القضايا يمكن أن يعالجها الموقع قانونياً. وفي حالة طلب وكيل أو محامٍ من الموقع لمباشرة القضية يتمّ ذلك بالإتفاق بين المحامي وصاحب القضية». وهنا لا أمنع المحامي من تقاضي أتعاب على مجهوداته إلا في حالتي ذوي الاحتياجات الخاصة وذوي الدخل المحدود».
وتنوه المباركي إلى أن القضاة في السعودية وفي المحكمة الشرعية «كان تقبلهم للوكيلة الشرعية جيداً. ولا إجحاف في حقّ القانونية في حال قصدت المحكمة، مما يبشّر بحضور أفضل وأكبر لها مستقبلاً». وأكّدت أنه من حق كل خرّيجة من كلية القانون والأنظمة أن تكون مسجلة كممارسة فعلية للمهنة، وهو ما تنظر إليه مستقبلاً معتبرة إياه من أبسط حقوقها أسوة بالرجل، «خصوصاً أن من أنظمة القضاء السعودي في الفترة المقبلة وجود المحاكم الأسرية مما يتطلب وجود سيدة تدافع عن حقوق قريناتها لأنها الأكثر تفهماً لها».
القانونية رنا القرني: أكثر من أربعين قضية استطعت أخذ حكم فيها لمصلحة موكلي
اتجهت رنا القرني بعد تخرجها من الجامعة إلى المؤسسات الخاصة وتحديداً إلى دار الحماية. قالت: «بعد حصولي على الشهادة الجامعية توجهت إلى أكثر من جهة وكان من ضمنها دار الحماية. وبعد أسبوعين من تقديمي السيرة الذاتية تمّ الاتصال بي، وبالفعل تمّ تعييني هناك وبدأت ممارسة عملي كقانونية ومستشارة في المجال القانوني بتفويض من دار الحماية».
وأكدت أن وجودها في القضاء وفي المحاكم السعودية بات أمراً طبيعياً أمام القضاة في المحكمة، إلا أن «الخصوم من الرجال لا يزالون يستغربون وجودي».
وعن طبيعة عملها في دار الحماية قالت: «كما هو متعارف عليه إن القضايا هي إما قضايا عنف أسري، أو أحوال شخصية، طلاق، حضانة، نفقة، خلع، إثبات نسب... كل هذه القضايا الحمد الله والتي تجاوزت خمساً وأربعين قضية استطعت إصدار أحكام فيها لمصلحة نزيلة الدار. ورغم صعوبة القضايا فإن قضايا الأحوال الشخصية هي الأكثر ارتباطاً بنا كسيدات لأن فيها بعض التفاصيل التي يمكن أن نفهمها نحن كسيدات بعكس القضايا الإدارية أو المدنية».
وأسفت لأن وزارة العدل حتى اللحظة لم تصدر التصاريح الخاصة بالخرّيجات، إلا أنها تتعامل مع المحاكم من خلال التفويض المقدم لها من دار الحماية والذي يخوّلها تسلّم الأوراق الرسمية، والترافع في القضايا، وتسلّم الصكوك القضائية وغيرها، مما فتح لها الباب للعمل خارج إطار الاستشارات فقط.
وأضافت أنها وفي بداية عملها كان يعتقد القضاة أنها مجرّد مراقبة أو مرافقة للحالة من دار الحماية كما جرت العادة، إلا أنها ومع مرور الوقت عرّفت بنفسها على أنها القانونية الموكلة من الدار للدفاع عن الحالة. «عند إبرازي لبطاقة العمل والتفويض المقدم من دار الحماية للمرافعة عن الحالة، لم يفاجأ القضاة كثيراً، وقد أصبحوا أكثر تسهيلاً لمهمتي مقدرين طبيعة عملي، خصوصاً في حالة نقاشي مع الطرف الآخر وهو الرجل وطريقة إستهجانه لأني سيدة وأمثل الحالة في المحكمة أمام القضاة».
وتؤكد القرني أن لهذه المهنة كثيراً من المتطلبات وأهمها الصبر، وأسلوب إيصال المعلومة إلى القاضي بطريقة إقناع جيدة خصوصاً في قضايا مثل الطلاق والحضانة.
وعن مستقبل المهنة أضافت: «أنا متفائلة جداً بوجود السيدة السعودية في المحاكم السعودية، وأجد أن صدور التصريح لن يأخذ كثيراً من الوقت لتتمكّن خريجات القانون من ممارسة المهنة بصفة رسمية أسوة بالمحامي الرجل».