دار زيد بن حارثة نموذج للتكافل الاجتماعي
رعاية الطفل / الأطفال, السينما السورية, قضية / قضايا الطفل / الأطفال, أسماء الأسد, جمعيات خيرية, دمشق, التبرعات, وزارة الشؤون الإجتماعية, رعاية أسرية, دار زيد بن حارثة, جمعية الرجاء الخيرية, المجتمع السوري, لمى صواف, ثناء جبور, ندى الغبرة
21 ديسمبر 2009 ثناء جبور مديرة الدار: يتمتع أطفال الدار بكافة الحقوق ويتجاوز عددهم ١٦٥ طفلاً
للتحدث عن الدار وعن الحالات التي يتم استقبال الأطفال فيها وعددهم وأعمارهم، بدأت السيدة ثناء جبور مديرة الدار حديثها:
تقبل الدار بعض الأطفال فاقدي الرعاية وأغلبهم حديثو الولادة، شرط سلامتهم من الأمراض السارية، ويتجاوز عددهم حالياً ١٦٥ طفلاً وهذا العدد يتأرجح زيادة ونقصاناً تبعاً لقبول جديد، أو بلوغ أحدهم سن الرشد والاستقلالية معتمداً على ذاته، أو إلحاق أحدهم بما يسمى الأسرة البديلة التي يجب أن تتوافر فيها شروط الحضانة والرعاية للطفل.
ويتمتع أطفال الدار بكل الحقوق كسواهم. وتساعد الدولة ممثلة بوزارة الشؤون الاجتماعية والعمل في تأمين فرص العمل المناسبة لهم بعد إتمام دراساتهم، وهي تتابع حالة استقرارهم الاجتماعية والاقتصادية إلى حين الاطمئنان إليها.
كما يقدم بعض أهل الخير فرص عمل مماثلة لمن لم يتمكن من متابعة دراسته الجامعية أو من لم يوفق بها، وذلك بالتعاون والتنسيق مع إدارة الدار«.
السيدة لمى صواف من إدارة جمعية الرجاء الخيرية: إيجاد الأمهات المربيات مهمّة صعبة
عن التشاركية الناجحة التي أسس لها «معهد زيد بن حارثة»، كان حديث السيدة لمى صواف:
«آزرنا في مهمتنا ومسعانا وإلى حد كبير دعم الجهات المعنية وعلى رأسها السيدة وزيرة الشؤون الاجتماعية والعمل وسائر العاملين لديها، وكذلك سائر المعنيين والمهتمين بشؤون التكافل الاجتماعي من هيئات مدنية وأفراد ومتطوعين أو متبرعين.
ويجدر التنويه هنا إلى التشاركية الناجحة التي أثبتت بما لا يدع مجالاً للشك أن التنسيق والتعاون والتكامل بين مؤسسات المجتمع المدني والدولة تعطي أكلها ويجني المجتمع ثمارها. وقد تجلى هذا واضحاً في علاقة وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل وجمعية صندوق الرجاء الخيرية حيث كان من لقائهما المشترك الفلاح والنجاح، وهو مثال على أرض الواقع يحتذى».
وعن خطة الإدارة الجديدة في الدار والخدمات التي سيتم تقديمها، أضافت صواف: «مما لاشك فيه أن مجتمعنا كأي مجتمع آخر فيه الكثير من الحالات الإنسانية التي تدفع بعدد من أطفالنا إلى مرحلة الضياع وفقدان الرعاية والعناية، وفي مقدمة هذه الحالات التفكك الأسري، وغياب الوعي أو ضعفه، والحالة الاجتماعية والمادية والصحية، وتورط هذا وتلك، إلخ...
السعيد من هؤلاء الأطفال من يجد يد العناية والرعاية من هنا أو هناك، ولعل دارنا خير يد توفر لمن فيها ما يعيدهم إلى مجتمعهم شباباً وشابات فاعلين. وقد جعلت الدار شعارها «ولا تزر وازرة وزر أخرى».
أما خطتنا كإدارة جديدة فركزت على إيلاء نفسية أطفالنا الاهتمام الأكبر غير متناسين أو مهملين لشؤونهم الأخرى، الصحية، والغذائية، والمظهر الخارجي، والتحصيل العلمي والتربوي. وبنينا هذه الخطة (مع مراعاة متطلبات كل فئة عمرية على حدة)، على إيجاد جو إنساني طبيعي واجتماعي هادف، وإيلاء الأنشطة والهوايات المفيدة اهتماماً خاصاً. من هنا، لدينا أنشطة في مجالات مختلفة، رياضية متنوعة، موسيقية، رحلات ترفيهية وإطلاعية، ثقافية وتربوية. ونحن نعد حالياً لإشراكهم في نشاطات اكتشافية وغيرها من أساليب التواصل مع مجتمعهم لجعلهم طبيعيين كأفراد فاعلين فيه ومتفاعلين معه.
واستبعدنا أسلوب إظهارهم على أنهم فئة أو شريحة خاصة، ظاهرها الاهتمام والعناية بهم، ومفعولها أنهم موضع استخفاف أو شفقة من الآخرين.
ولتحسين صلاحية البناء الحالي عالجنا معظم معوقاته ما أمكننا ذلك، بإضافة غرف ومساحات إليه لم تكن مستخدمة مسبقاً، وإعادة التوزيع والتخصيص والتجهيز للأغراض المختلفة (منامة، جلوس، مطالعة، طعام، ترفيه، نشاطات). وذلك ريثما يتم الانتقال إلى المبنى الجديد في منطقة قدسيا، وهو بناء حديث ومستوف لمتطلبات هذه الدار وأهدافها.
ويأتي في رأس الصعاب موضوع إيجاد أمهات مربيات على مستوى من الثقافة وسعة الأفق والخبرة، فالمتاح لدينا أو البديل دون هذا المطلب الطموح بكثير. ونعوض هذا الخلل بالتركيز على توعية الأمهات لدينا ومراقبة أدائهن على مدى أربع وعشرين ساعة يومياً.
ونحن بصدد إعادة هيكلة الجهازين الإداري والتوجيهي وترشيد الإنفاق، بحيث تغطي كل الاحتياجات دون هدر. كما نعمل على تنظيم القيود الإدارية والمالية وضبطها باتجاه جعلها بسيطة وأمينة في الوقت نفسه».
المعروف عن السيدة السورية الأولى أسماء الأسد أنها تولي الجمعيات الخيرية والجهات التي تعنى بالفئات التي تحتاج إلى رعاية خاصة أهمية كبيرة، حتى أنها وفي الفترة الأخيرة باتت تشرف على أعمال تلك الجهات بشكل شخصي، وباهتمام فائق لضمان سير العمل على أحسن وجه. ومن أهم الجهات التي أولتها السيدة أسماء برعايتها، «دار زيد بن حارثة» في دمشق، وهي دار تعنى بالأطفال المحرومين من الرعاية الأسرية. وقد بدا واضحاً تأثير السيدة أسماء والتغييرات التي طالت المعهد، بداية بإدارته الجديدة، وبرعاية الأولاد رعاية حنونة وتامة، إلى تحسين البناء العام للدار وإقامة بناء جديد مجهز بأفضل التجهيزات.
ولكي نلقي نظرة شاملة على ما تم إحداثه في هذا المعهد وما وصلت إليه الحال الآن، كان لنا استطلاع شامل للدار، وقابلنا المسؤولين عنها ليتحدثوا عن خططهم وما تم تنفيذه حتى اليوم.
وكذلك أردنا لقاء بعض الأطفال الموجودين في الدار، للتحاور معهم ومعرفة أحوالهم وهواياتهم وطموحاتهم المستقبلية، خاصة بعد الزيارة التي قامت بها السيدة أسماء أخيراً للدار والتي كان لها الأثر الكبير في نفوس الأطفال، حتى أن طفلاً صغيراً هو الطفل«عباس» أسرّ لها قائلاً: «ضللي معنا منحبك».
لكن وبسبب حرص إدارة المعهد على بقاء الأطفال خارج دائرة الإعلام، كنوع من الخصوصية والخوف المستقبلي على نفوسهم، آثرت الإدارة عدم ظهور الأطفال بشكل علني في خطوة لدمجهم مع المجتمع المحلي إن كان في المدرسة أو في الجامعات وغيرها من الهيئات العامة، وهذا على حسب قولهم يحفظ لهؤلاء الأطفال حقوقهم المدنية مستقبلاً.
ونزلنا عند رغبة أهل الدار واكتفينا بمقابلات مع القائمين على الدار وحديث مطول بدأ عن سياسية الدمج التي تتبعها الدار والتشاركية ما بين المؤسسات الرسمية والمدنية، متمثلة بتولي إدارة الدار هيئتين، الأولى رسمية ممثلة بوزارة الشؤون الاجتماعية والعمل، والثانية ممثلة بالمجتمع الأهلي المحلي وهي جمعية الرجاء الخيرية، وهي المرة الأولى التي تتم فيها عملية التشارك ما بين القطاع العام والقطاع الأهلي وهذا ما شجع قطاعات أخرى في المجتمع السوري على التشارك ما بين القطاعين لما حققته تلك التجربة من نجاح.
السيدة ندى الغبرة: المسؤولة عن الدار من جمعية الرجاء الخيرية
«الأم هي التي ربت لا التي ولدت» والسيدة أسماء أم حنون تولي المعهد اهتماماً كبيراً
السيدة ندى الغبرة، المسؤولة عن الدار، تقول: «بداية لابد لنا من المرور سريعاً على أمرين مهمين.أولهما التنويه إلى تنوع الشرائح في أي مجتمع من المجتمعات، مع اختلاف نسبي بينها، ومجتمعنا واحد من تلك المجتمعات.
وثانيهما الإِشارة إلى مظاهر التكافل الاجتماعي وأهميته ودوره الفاعل والفعال في معالجة أي شرخ قد يصيب بنيان مجتمع ما في غفلة من أفراده، فيصيبهم الضعف وهم عنه ساهون.
هذا الفهم لتكوين النسيج المجتمعي، والحرص على سلامة بنيان المجتمع مسؤولية لا يتحملها منفرداً، فرد أو أفراد، ولا هيئة دينية أو مدينة أو هيئات، ولا مؤسسة رسمية أو مؤسسات.
فهي مسؤولية جماعية مشتركة وتكاملية من الهيئات المدنية والدينية والخيرية، إلى جانب مؤسسات رسمية تمثل الدولة. جميعها تسعى وتتعاون وتتكامل في خدمه هذا الهدف.
وباختصار شديد، فإن المسألة هنا مسألة وعي وعمل، فهم سليم، وعمل سديد ومفيد.
من هنا يمكن لأحدنا أن يدرك الغاية أو أسباب وجود دار مثل درانا، وما أكثر مثيلاتها في بلادنا، وألا يستغرب ما تحاط به من اهتمامات ودعم وعناية، من أفراد متطوعين أو متبرعين، ومن هيئات مدنية أو خيرية داعمة، ومن مؤسسات رسمية مؤازرة وراعية. وفي قمة هذا وذاك الرعاية المركزة والخاصة التي نلمسها جميعاً من القيادة العليا للبلاد ممثلة بالسيدة الأولى والأم الرائعة أسماء الأسد التي خصصت وتخصص جل أوقاتها واهتماماتها لرعاية المنشآت التي تعنى بشرائح المجتمع الأكثر حاجة الى الرعاية والعناية، مثل دارنا ومعاهد ذوي الاحتياجات الخاصة، ودور المسنين وغيرها.
حتى أنك تستذكر بقوة ويحضرك ما قاله العرب قديماً: «ظئر رؤوم خير من أم شؤوم»، وما درج حديثاً: «الأم هي التي ربت لا التي ولدت»، وكذلك ما جاءت وأوصت به الأديان السماوية التي ركزت على مبدأ التكافل الاجتماعي.
ومن غير تزلف أو مجاملة نقول: يكفيك أن تنظر إلى بعض الصور التي التقطتها عين الكاميرا بعفوية ومن غير إعداد مسبق أو ترتيب، للسيدة الأولى وهي تعانق وتضم الأطفال ويعانقونها، تحادثهم ويحادثونها لتدرك وتنضج لديك ما تعنيه الأمومة الحقة، لترى بأم العين كيف يتدفق الحنان والحب العظيم من القلب الكبير، ولطالما لمسنا جميعاً دعمها ورعايتها بالأمس وقبله كما لمسناه بمناسبة زيارتها لدارنا ومعايدتها لأطفالنا بمناسبة عيد الفطر السعيد. وباختصار فنحن لا نبالغ أو نجامل حين نصفها بالإنموذج المثالي لجوهر الإنسانية والتواضع وحب الخير والسعادة للجميع، وبخاصة لتلك الشرائح الاجتماعية التي هي أشد ما تكون احتياجاً الى العناية والرعاية كالأيتام وفاقدي الإعالة وذوي الاحتياجات الخاصة كما نوهنا.
وبالعودة إلى الحديث عن دار زيد وما تم إنجازه من قبل إدارتها الجديدة، فقد بدأنا من حيث انتهى إليه من قبلنا بسعيهم وجدهم وفي حدود الإمكانات المتاحة لديهم، وانطلقنا عبر خطة تطوير وتحديث ممنهجة باتجاه أهداف تحقق الغاية من إحداث هذه الدار.
وبفضله تعالى أنجزنا الكثير من الإصلاحات والتحسينات خلال فترة قياسية. وصدقاً أننا لم نكن لنحقق ما حققناه لولا التوجيه والدعم والرعاية التي أولتنا إياها الأم الرؤوم السيدة الأولى أسماء الأسد شخصياً».
وعن المعوقات التي تواجهها الإدارة في المعهد، تابعت السيدة ندى الغبرة حديثها:
ومن البديهي أن أي عمل يقوم به فرد أو جماعة ليس سهلاً، فهناك صعاب ومعوقات تتطلب دعماً وتعاوناً من الآخرين. وعلى سبيل المثال لا الحصر، وعي الكفلاء والمتطوعين والمتبرعين، وهو أمر وضعنا له بعض الضوابط والقواعد مع التوعية المناسبة للمذكورين، وكذلك أسلوب تعامل المربين والمربيات مع أطفالنا وقد عالجناه ونعالجه باستمرار بلقاءات مسبقة وقائية ولاحقة علاجية مع إدارات المدارسة المعنية والعاملين لديها.
يجدر التنويه هنا إلى التجاوب الذي بتنا نلمسه حالياً والذي تجلى بمظاهر عدة منها على سبيل المثال، زيادة الإقبال على التبرعات والكفالات، واستجابة الزائرين لأطفالنا للضوابط الموضوعة للصالح التربوي لهم.
وخلاصة القول إننا هنا نتعامل مع فئة خاصة قد يشعر بعض أفرادها بدرجة أو بأخرى أنهم ضحية مجتمعهم، وبالتالي فإن أي إخفاق لاقدر الله، ينتج عن فعل أو عدم فعل هذا المجتمع بمؤسساته الرسمية وغير الرسمية والإعلامية سينعكس سوءاً أو سلباً، وينقلب الشعور بالغبن أو الظلم، إلى غرائز الكره والحقد والرغبة في الانتقام. من هنا كانت العناية الخاصة بهذه الشريحة سبيلاً إلى الإصلاح والصلاح، ومن هنا أيضاً يأتي دور الإعلام بوسائله المختلفة وتصويب النظر إلى هؤلاء الأطفال وموضوعية التخاطب والتعامل والتواصل معهم، وكذلك الحال مع سائر الشرائح الأخرى التي تحتاج الى رعاية.
ويبقى ختاماً أن أشير إلى أمرين: أولهما إلى ما يجب توافره في المتطوع سواء من حيث الخبرة المطلوبة للمهمة التي يرغب في المساهمة في أدائها أو الالتزام بما تتطلبه من وقت وجهد، فالتطوع في رأينا ليس مجرد رغبة يسعى المتطوع لإشباعها أو ملء وقت فراغ نسبي لديه، وإنما هو التزام دقيق ومسؤولية لها متطلباتها.
ثانيهما: التذكير بما تؤديه مساهمات أهل الخير الذين يبتغون في ما أتاهم الله الدار الآخرة، ولا ننسى أن من يفعل الخير ابتداء بنفسه فهو كريم ومن يفعله إقتداء بالغير فهو حكيم وأن القلوب جبلت على حب من أحسن إليها».