حكم عدم تكافؤ النسب
تحقيق, طلاق, نورة الفايز, المرأة السعودية / نساء سعوديات, برنامج حواري تلفزيوني, دار الحكمة, إستئناف, القضاء السعودي, الملك عبدالله بن عبد العزيز, عدم تكافؤ النسب, منصور التيماني, فاطمة العزاز, أحمد بن خالد الأحمد السديري, وليد الزهراني, فاطمة الأنصا
18 فبراير 2010العزاز ناشدت خادم الحرمين التدخل لحل قضيتها في آخر زيارة له للمنطقة الشرقية
وجهت فاطمة العزاز خطاباً إلى خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز تزامناً مع زيارته الأخيرة للمنطقة الشرقية، تطالب فيه بوضع حل نهائي لقضيتها التي طالت وشتتت عائلتها وبرفع الظلم والمعاناة عن أسرتها الصغيرة.
وشرحت فيه الحقوقيتان الناشطتان في حقوق الإنسان فوزية العيوني ووجيهة الحويدر، معاناة فاطمة التي استمرت نحو خمسة أعوام. ففيما تقيم طفلتها نهى مع والدها منصور التيماني في الرياض، تقيم هي وابنها سليمان في دار الحماية الاجتماعية في الدمام.
وسلمت العيوني والحويدر خطاباً كتبته فاطمة إلى خادم الحرمين الشريفين وأشارتا إلى «التعاطف الكبير» الذي حظي به خطاب فاطمة من جانب رجال الأمن، ومسؤولي تلقي الخطابات في قصر الخليج. واستعرضت فاطمة في خطابها أنها عاشت «عاماً في سجن النساء، بعد ضبطي في خلوة غير شرعية مع زوجي الذي طلقوني منه من دون علمنا».
وأوضحت في خطابها لخادم الحرمين الشريفين أنه كان لها منه حينها «طفلة في عامها الأول، وكنت حاملاً بطفلي الثاني الذي أكمل الآن عامه الثالث، وأنا في دار الحماية في الدمام»، فيما لم تتح لها رؤية ابنتها منذ عامين. كما حرم زوجها من رؤية ابنه خلال هذه الفترة.
وأكدت تمسكها بحقها في العودة ولم شمل أسرتها، وأشارت إلى «تعاطف جميع المسؤولين معي في الداخل والخارج، بيد أن هذا التعاطف لم يقدم أي حل حاسم يلبي مطلبي الوحيد». وناشدت خادم الحرمين الشريفين مساعدتها في أن «أعود إلى زوجي، حتى لو اضطررت إلى التخلص من اسم العائلة».
في أشهر قضية اجتماعية شغلت الرأي العام السعودي، أسدلت أعلى سلطة قضائية شرعية في السعودية الستار على قضية تكافؤ النسب بعد خمسة أعوام من فصل السعودي منصور التيماني (٣٨ عاماً) عن زوجته السعودية فاطمة العزاز.
وكانت محكمة منطقة الجوف في شمال السعودية قد فرقت بين الزوج وزوجته بسبب عدم تكافؤ النسب في ٢٤ جمادى ألآخره من العام ١٤٢٦ هـ، إذ فسخ القاضي عقد زواجهما مستنداً الى عدم «الكفاءة النسبية».
ومع أن عقد الزواج لا ريب فيه طبقا لصك حكم قاضي محكمة الجوف، فإن الحكم لم يبحث في أن الزواج تم بموافقة والد الزوجة، كما لم يذكر الصك أن زواج منصور وفاطمة أثمر طفلين أصغرهما لم يكمل عامه الأول، ولم يشر إلى أنهما يعيشان في بيت تسكنه المودة والرحمة.
واستنادا إلى «العرف»، كتب القاضي في صك الحكم: «حكمت بفسخ عقد نكاح المدعى عليه من المرأة، وعليها العدة الشرعية حسب حالها، اعتبارا من تاريخ الحكم. ويشمل هذا الحكم التنفيذ المعجل بحيث يفارق المدعى عليه المرأة».
وانتقل الزوجان من الجوف إلى القصيم والخرج وجدة وأخيراً إلى الدمام، التي فضلت فيها الزوجة فاطمة البقاء في إصلاحية المنطقة (بين السجينات) على العيش بين إخوانها في مدينة الخبر، لأنها لا تريد إلا زوجها.
الاختصاصي النفسي
ومن منظور نفسي لهذه القضية، أكد الاختصاصي النفسي في مستشفى الدكتور سليمان حبيب الدكتور وليد الزهراني «أن الأبناء ليس لهم ذنب في ما يحدث من قضايا كهذه، وأن الأطفال في هذه الحالة يصابون بحالات اضطراب نفسية نتيجة تربيتهم بعيدا عن أحد الوالدين. وتتمثل هذه الاضطرابات في عدم التكيف الاجتماعي نتيجة بعدهم عن الأم أو الأب. وتكون هذه الاضطرابات تحديدا في صورة قلق أو اكتئاب وتتطور أعراضها لتشمل حدوث خلل في الناحية التعليمية والتبول اللاإرادي الليلي واضطرابات جسمانية أخرى كالتقيؤ والصداع وعدم التركيز في الدراسة والتحصيل العلمي، باعتبار أن الطفل لا يستطيع التعبير عن الضرر الذي يتعرض له».
وأكد أن المشاكل النفسية يمكن السيطرة عليها إذا وجدت الإرادة القوية لتجاوزها لدى جميع الأطراف، معتبرا أن القرار الأخير بإنصاف الزوجة والزوج وإلغاء الحكم السابق عنصر أساسي في تجاوز الآثار السلبية.
الفايز تتبنى تعليم الطفلة نهى
أبدت نائبة وزير التربية والتعليم الدكتورة نورة الفايز تعاطفها مع فاطمة واستعدادها لتبني تعليم الطفلة نهى.
من جهتها، اقترحت الناشطة في حقوق الطفل الدكتورة فاطمة الأنصاري «إقامة دعوى رد اعتبار من الزوجين على الشيخ الذي قام بالتفريق بينهما، وذلك للحصول على الاستقرار النفسي»، معتبرة أن هذا الأمر يدخل في دائرة «القصاص، الذي يحثنا عليه الشرع».
من جانبها، قالت الناشطة في حقوق الإنسان فوزية العيوني «أن القضاء أنصف الأسرة بعد نحو أربعة أعوام. وبقي الآن على محكمة الجوف أن تخطر الزوج رسميا كما أخطر رسميا بالطلاق، كما يجب أن تكون هناك آلية لتطبق الحكم، وأن تأخذ التعهدات على أخوانها بعدم إيذائها وزوجها حين يلم عمليا شملهم، وأن تكون هناك آلية لمنع حدوث أي تهديدات على المستوى العملي».
وأضافت: «إن أكثر المتضررين من هذه الإجراءات هما الطفلان، إذ لم تستطع البنت نهى دخول المدرسة بسبب تفتيت هذه الأسرة».
وحذرت من أن «عدم الاهتمام النفسي بهذه الأسرة ستكون له نتائج وخيمة، فالطفلان سيكبران وسيعرفان أن أحدا لم يهتم بهم، وأن ما أصابهما كان بسبب حكم قضائي أدى الى الفراق الإجباري وخسارة كل شيء».
مشاهدات من القضية
- ألغى والد فاطمة الوكالة التي منحها لولده لإنهاء إجراءات فسخ عقد نكاحها من الناحية النظرية، إلا أن القضاء استمر في النظر فيها.
- أقام أخ فاطمة غير الشقيق في شهر رمضان من عام ١٤٢٤ من العام نفسه دعوى يطالب فيها بفصم عرى الزواج بحجة عدم تكافؤ النسب.
- فضلت فاطمة أن تدخل السجن الذي رأت أنها ستجد فيه حماية من أخوتها الأحد عشر الذين نجحوا في استصدار الحكم القضائي بفسخ عقد زواجها من رجل أحبته.
- سبب الطلاق إصرار أخوانها على الطلاق لكون زوجها من قبيلة أدنى اجتماعياً من قبيلتها.
- تلقت الزوجة خبر حكم المحكمة العليا وهي في دار الرعاية الاجتماعية في الدمام، حيث تقيم برفقة ابنها سليمان الذي ولد أثناء بدء القضية بعد تحويلها من سجن الدمام قبل عامين.
- أول إعلامية سعودية تناولت هذه القضية هي ريما الشامخ (شفاها الله) وأفردت لها خمس حلقات في برنامجها «برسم الصحافة».
الزوج منصور التيماني وصف حكم المحكمة العليا بالرياض بـ«الجميل» وعبر عن سعادته في إنهاء معاناة أسرته التي بقيت أربعة أعوام في شتات، فابنته نهى تقيم معه في الرياض بينما تعيش زوجته فاطمة مع ابنهما سليمان (أربعة أعوام) في دار الحماية الاجتماعية بمدينة الدمام. يقول التيماني: «ابنتي نهى سعيدة بهذا الحكم ولم تسيطر على مشاعرها بل أخذت تبكي في حضني فرحة بقرب عودة والدتها ومشاهدة شقيقها الذي دائما تسألني عنه: متى سيلعب سليمان معي مثل باقي الأخوان والأخوات؟».
وأضاف أنه سعيد بصدور حكم المحكمة العليا وإنصافه رغم تأخر الحكم أربع سنوات، وأن قرار المحكمة جاء نتيجة تقدمه بلائحة اعتراض على حكم محكمة التمييز الذي أيد حكم محكمة الجوف.
وأوضح أنه لم يتسلم صك حكم المحكمة العليا الناقض لحكم محكمتي الجوف والتمييز، وانه ينتظر بدء الجهات الرسمية تنفيذ القرار وجمع شمل أسرته من جديد تحت سقف واحد.
من جهتها، قالت الزوجة الصابرة فاطمة العزاز التي ضربت مثلا عن أروع أنواع التضحية وعبرت عن قوة المرأة السعودية وتحديها الصعاب والوقوف ضد الخطأ مهما كلفها الأمر: «لن أصدق حتى أرى صورة القرار بعيني، فأنا من حرمت مشاهدة ابنتي طوال الفترة الماضية، وأخاف أن يتوقف قلبي من الفرح حال رؤيتها، وأتمنى أن أضم طفلتي إلى صدري بعدما افتقدتها منذ كان عمرها عامين وبضعة أشهر، ولم أرها سوى عبر الصور».
وأضافت : «تعرضت لمعاناة طويلة آخر فصولها محاولة إخراجي من دار الحضانة إلى دار الحماية الاجتماعية»، موضحة أنها لم تخبر ابنها سليمان بالأمر، حتى يصبح واقعاً.
وعن مستقبلها بعد صدور الحكم قالت: «أنا عاجزة عن التفكير والتخطيط للمستقبل الآن، حتى أكون إلى جانب زوجي وطفلتي، وفي ذلك الوقت ربما استيقظ مما أنا فيه. فأنا قبل حدوث الكارثة كنت أعمل معلمة حاسب آلي في معهد خاص».
ووجهت فاطمة رسائل الشكر والحب والامتنان إلى خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز الذي أعادها إلى منزلها الذي هدم دون ذنب مقترف، واثنت على جهود رئيس هيئة حقوق الإنسان السابق تركي السديري والمحامي أحمد السديري في الوقوف مع أسرتها وترافع الأخير عنها أمام أعلى جهة قضائية في البلاد.
وقالت: «أنا عاجزة تماما عن تقديم الشكر لمن وقف معي، ولقد تلقيت من المحامي الخبر الذي أوصلني إلى قمة السعادة».
وأوضحت أنها في انتظار وصول المعاملة إلى الجهات المختصة تمهيدا لإخراجها من دار الحماية الاجتماعية في الدمام والالتقاء بزوجها الذي يسكن في الرياض، بحيث سيقرران عند اجتماعهما المدينة التي يرغبان في اكمال حياتهما فيها.
الطفلة نهى (ست سنوات) قالت: «أخيراً سألتقي ماما، وتطعمني وتحممني، وتمشط لي شعري. سأذهب الى المدرسة، وأتعلم، وأصبح طبيبة، وسأعود يومياً إلى بيتنا لأجد ماما».
شقيق فاطمة: الأسرة ترفض نقض حكم محكمة الجوف
من جانبه قال شقيق فاطمة عزاز العزاز أن أفراد أسرتهم لم يبلغوا بأي قرار صادر ينقض حكم محكمة الجوف، وأكد رفض أسرته للقرار ونيتهم نقضه والاعتراض عليه بالطرق القانونية عند استلامه.
مذكرة الاستئناف الناقضة لحكم التفريق
حصلت «لها» على نسخة من مذكرة الاستئناف التي رفعت إلى خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز حول قضية فصل الزوجين منصور التيماني وفاطمة العزاز بحجة عدم تكافؤ النسب، والتي أحيلت على المحكمة العليا وعلى إثرها صدر حكم النقض للحكم الصادر من محكمة الجوف والذي أيدته التمييز.
واعتبرت المذكرة أن حكم التطليق هتك قواعد الشرع، وغوى عما قال به علماء الأصول، وأهدر العدالة التي هي جوهر الشريعة، معتبرة أن الأسباب السابقة تدفع الى المطالبة بعدالة المجلس الأعلى للقضاء باعتبار حكم قاضي محكمة الجوف بائرا، لأنه هتك في ما ساقه قاعدة سد الذرائع.
وأكدت الأدلة الشرعية لدى المذاهب الأربعة عدم صحة ما حكم به قاضي محكمة الجوف، كون القول بتطليق زوجين لعدم تكافؤ النسب يبطل متى ما حملت الزوجة من زوجها. وحاكم القضية جنح إلى التضييق في تفسيره لمعنى الكفاءة بحصره في معنى النسب القبلي، بينما كان يلزمه التوسع في الاستدلال والتفسير لهذا المعنى في عصر تبدلت فيه الأعراف ولم تعد كما كانت في دابر الأيام. هذا إذا عرفنا أن الكفاءة لغة هي المقاربة والمماثلة، وبعض الفقهاء يرون لزوم التماثل في أمرين فقط هما الدين والحال «أي السلامة من العيوب» التي توجب لها الخيار في الزواج، وعليه فإن معنى الكفاءة لا يقتصر على النسب، وأن النسب والحسب لدى الفقهاء ليسا ملزمين بل مندوبان (مستحبان). وبعضهم نزع إلى تعريف ذي النسب بأنه من كان معروف الأب، فيما حاكم القضية اعتمد في حكمه ترجيح أدلة مهلهلة بدلا من أدلة قاطعة في الأمر.
ولم تقتصر الأخطاء التي تردى فيها عند الأخذ بتفسيرات فيها عوج للفتيا أو نصوص في الأثر؛ الأمر الذي هام به عن صحيح الاستدلال، بل ذهب أجوازا بعيدة بحكمه هذا في الحيف والتجني حين طعن بما أجمع عليه جمهور الفقهاء حول لزوم عقد كهذا، وغوى عما نزع إليه علماء الأصول في تسبيبه لما حكم به، وإهدار للحكم المتفق عليه في مذهب جمهور الفقهاء والأصوليين في لزوم قواعد عقد النكاح، حيث تبين أن سنة الجمهور من فقهاء المذاهب الأربعة، وبالأخص فقهاء المذهب الحنبلي، هم من أول من ازدرى هذا الحكم.
ومن القواعد هي تلك التي انتحاها هؤلاء الفقهاء حول مدى جواز قبول دعوى كهذه عند إثارتها لأول مرة، وثاني ما أهدره هو قوله بفسخ عقد النكاح وعدم لزومه، فهذه الدعوى بدت ولأول وهلة وكأن الأب قد أثارها أصالة، فهذا ما زعم به وكيله حين رفعها لفسخ عقد النكاح هذا.
وإنه كان يلزم على فضيلة حاكم القضية ردها، فهذا ما نزع إليه الفقهاء الحنابلة، وآية ذلك هو أنه حتى ولو افترض جدلا عدم كفاءة الزوج فالزوجة بالغة الرشد وليست صغيرة وعاقد النكاح كان والدها «أي وليها الأقرب» وأنه لم يبرم العقد إلا بعد أن سأل واستخبر وعرف أنه ينتسب إلى قبيلة، والزوجة كانت راضية أيضا.
لذا فإن عقد النكاح هذا أمسى صحيحا في الشرع ملزما، بل إن هؤلاء الفقهاء ذهبوا إلى أنه صحيح وملزم حتى لو كان الأب في حال رضاه يعلم قبل الزواج أنه غير كفء، وهو أمر لم يثبت طبقا للأدلة التي أوردت، وقد أفتى الإمام ابن تيمية بالقول «أما الكفاءة فهي حق للزوجة والأبوين فإن رضوا بغير كفء جاز».
ونزع فقهاء من هذا المذهب إلى القول بأنه لا اعتبار للنسب في الكفاءة، حين ذكر ابن أبى موسى عن الإمام أحمد ما يدل على ذلك.
وكذلك الرأي الذي انتهجه شيخ الإسلام الإمام ابن قدامة حين قال: «إذا كانت كبيرة وزوجها أبوها من غير كفء فلها الخيار ولا خيار لأبيها إذا كان عالما، لأنه أسقط حقه برضاه»، وعليه فإنه حتى وإن صانعنا وكيل الأب «أي ابنه عزاز» في قوله إن أباه هو الذي رفع الدعوى وكالة، فإنه كان على القاضي ردها، إذ ما كان له أن يقبلها في هذه الحالة، لأن الزوجة كما أسلف قبلت بزوجها ورضيت به بل وتصر على البقاء معه إلى هذه الساعة. أما الأب (المدعي أصالة) فقد استخبر عن الزوج وأهله قبل الزواج وثبت له أنه من شمر، وقبل «دون أن يكون ضحية ختل وإيهام» أن يزوجها به، ولم يأت ما يقطع بعكس ذلك. ثم حتى لو أنه لم يستخبر، وهو ما يعني أنه كان على بينة من عدم كفاءته ثم زوجها برضاه وبرضاها، فإن هذا نضاح بإسقاط حقه في الاعتراض، أو رفع دعوى يطالب فيها بفسخ عقد النكاح.
وقول فقهاء آخرين من هذا المذهب حين نزعوا إلى أن «خيار الفسخ لعقد الكفاءة شبيه بخيار العيب، ولا يسقط إلا بإسقاطه من عصبة بقول أو فعل يدل عليه كأن يذرها تمكنه من نفسها مع علمه وعلمها بأنه غير كفء». (مطالب أولي النهى ج ٥ ص ٨٦ للسيوطي الرحيباني).
ولوحظ هنا أن الزوج المدعى عليه لم يزوجه الأب إلا بعد أن تثبت من كفاءته وانتسابه إلى شمر؛ ما يعني ألا عيب فيه، ناهيك بأن الزوج (المدعى عليه) قد دخل بزوجته وأنجبت طفلين، لذا ومن باب أولى فإن هذا يفضي إلى القطع بأن حق العصبات الأباعد (بعض إخوانها غير الأشقاء) في الاعتراض قد هوى، الأمر الذي يعنى زيغ حكم القاضي هذا عن القواعد التي سنها كبار فقهاء المذهب الحنبلي.
المحامي السديري الحكم نهائي
أكد المحامي المكلف في القضية من هيئة حقوق الإنسان أحمد بن خالد الأحمد السديري ان صدور حكم نهائي من المحكمة العليا يقضي بإبطال الحكم الذي أصدرته محكمة الجوف بتطليق الزوجين منصور وفاطمة، وأن الحكم السابق بات في حكم الملغى، ويجري الآن استكمال الإجراءات النظامية وإبلاغ الجهات ذات العلاقة لإعادة الزوجين إلى بعضهما.
وأشار إلى اعتماد الحكم الجديد من المحكمة العليا بشكل نهائي بحيث لا يمكن الطعن فيه ويقضي ببطلان الحكم السابق وإعادة الزوجين إلى بعضهما.
وأضاف: «القاضي الذي أصدر حكم الطلاق لم يعمل بما سنه علماء الأصول في باب سد الذرائع وتمسك بمقولة أن دفع المفاسد أولى من تحصيل المفاسد، فيما الواجب من خلال هذه القاعدة يحتم علينا دفع المفسدة الأعلى والأعظم بالأدنى والأقل، ولأن فسخ نكاحهما هو مضرة عليهما وعلى أبنائهما».
وأوضح السديري أن «الضرر الذي وقع على طليقة النسب وأسرتها لا يقارن بالضرر الذي قيل أنه سيلحق بالمدعين (أشقاء الزوجة)، فلا تزال أسرة فاطمة ترزح تحت وطأة العذاب النفسي وجهل المصير، فيما يعيش المدعون حياة مستقرة. وإن ما تطرق إليه القاضي من باب سد الذرائع هو وقوع الشقاق والخصومة والعداء بين الإخوة».
وذكر أنه «بعد صدور قرار التفرقة بين الزوجين حدثت ضجة إعلامية كبيرة، مما استدعى تدخل الهيئة السعودية لحقوق الإنسان. وكان قد صدر حكم التمييز الأول، الذي تقدمت به إلى حقوق الإنسان، وذلك بالرفع إلى المقام السامي، فيما طلبت حقوق الإنسان أن اعد عريضة طعن في الحكم الأول. وبعد الانتهاء من كتابة عريضة الطعن، رُفعت عبر حقوق الإنسان إلى خادم الحرمين الشريفين الذي أمر برفعها إلى المحكمة العليا للنظر فيها».
وأضاف السديري أنه أمضى نحو ٩٠ يوما في مراجعة الكتب والمراجع لإعداد مذكرة الاستئناف لرفعها إلى خادم الحرمين الشريفين عن طريق هيئة حقوق الإنسان. بعد رفع مذكرة الاستئناف إلى خادم الحرمين الشريفين أحالها على الدراسة في المحكمة العليا، وبعد إطلاع الدائرة المختصة والمكونة من ثلاثة قضاة يعدون من كبار القضاة في المحكمة العليا، فُتح ملف القضية وصدر الحكم الناقض لتفريق الزوجين بإعادتهما إلى بعضهما بعد فراق ثلاث سنوات.