مُعوّقون يقهرون الإعاقة
معاقين, وزارة الشؤون الإجتماعية, الإعاقة العقلية, معرض أبو ظبي للكتاب, توفيق ضاهر, تاني غراي ثومبسون
20 سبتمبر 2010توفيق ضاهر: إلى العالمية بفضل عيدان الكبريت
على أثر تعرّضه لإطلاق نار، فقد توفيق ضاهر القدرة على المشي. لكن هذه لم تكن النهاية بالنسبة له، بل بداية الطريق وأول مشوار التحدي. بحث ضاهر عن مجال يبرز فيه قدراته ويتخطى إعاقته. ولأن كرسيه المتحرك أصبح رفيقه الدائم الذي يلازمه في كل تحركاته، كان عليه تقبل وضعه واختيار ما يتماشى معه. استبعد أولاً فكرتي النحت والرسم لأنه أراد ما هو أكثر تمايزاً. فوجد الحل في عيدان الكبريت.
بدأ عندها الطريق بتركيب المجسّمات من عيدان الكبريت ليظهر للعالم ما يمكن أن يحققه معوّق جسدي يتحلّى بالإرادة. بدأ بالمجسم الأول الذي كان عبارة عن حافظة ولاّعة مصنوعة من عيدان الكبريت، ثم صارت الأفكار تتوالى، وبدأ ينفذ مجسماً تلو الآخر دون أن يشعر يوماً بالتعب أو الملل. بل على العكس، يرافقه باستمرار شعوراً بالفخر لما يحققه من إنجازات، خصوصاً بعد أن دخل اسمه في كتاب غينيس العالمي من خلال مجسم باخرة تايتانيك عام 2002 المصنوع من عيدان الكبريت والذي تطلب 6600 ساعة من العمل وطوله ثلاثة أمتار وارتفاعه يصل إلى 180 سنتمتراً وعرض 60 سنتمتراً.
بعدهها دخل اسمه مرةً ثانية في كتاب غينيس العالمي عام 2006 من خلال مجسم برج إيفل الذي بلغ طوله 653 سنتمتراً وتطلب استعمال ستة ملايين عوداً من الكبريت.
من خلال إنجازاته المتتالية، أثبت ضاهر قدراته وأظهر ما يمكن أن يحققه أي معوّق لا يقف في وجهه أي عائق أياً كان وضعه. والإنجاز الأخير الذي حققه هو إقامة معرض في بيروت عرض فيه كل المجسمات التي نفذها. هذا ويؤكد انه في البداية لم يتوقع أن يصل إلى هذه المرحلة ولم يتصوّر أن اسمه سيبرز بهذه الطريقة بفضل كل هذه الإنجازات التي حققها.
بطلة الرياضة البارا-أولمبية تاني-غراي ثومبسون: تحدت نفسها والآخرين فصارت بطلة وأماً وبارونة
ولدت تاني غراي ثومبسون وهي تعاني تشوهاً خلقياً في العمود الفقري، فصار الكرسي المتحرك رفيقاً دائماً لها. لكن هذا لم يقف حاجزاً أمام طموحاتها ونجاحاتها لتثبت للعالم أنها قادرة على مواجهة التحديات. حازت على شهادة جامعية عليا في العلوم السياسية والإدارية. وأصبحت مقدمة برامج تلفزيونية وإذاعية. وفي الوقت نفسه، شكلت الرياضة سلاحاً لها تمكنت من خلاله تخطي الصعاب الإجتماعية والضغوط. هذا إلى جانب الدور الذي لعبته كامرأة. كما نالت لقب «بارونة» في شهر مارس 2010. مؤخراً، قامت بزيارة بيروت ضمن جولة تقوم بها في المنطقة بهدف التحدث مع اللجان الأولمبية والبارا-أولمبية في لبنان بشان التحضيرات للألعاب الأولمبية لعام 2012 التي تجرى في لندن ولتشجيع المشاركة فيها من قبل الرياضيين المعوّقين في لبنان. كما ومن أهداف زيارتها ايضاً التشجيع على تأمين حقوق المعوّق في المجتمع وتوفير الخدمات اللازمة له، ومراعاة ظروفه الخاصة.
سيرة التحدي
فازت تاني غراي ب16 ميدالية في الألعاب البارا - أولمبية، منها إحدى عشرة ميدالية ذهبية وحطمت العديد من الأرقام القياسية. كما فازت بماراثون لندن ست مرات. زارت لبنان لتشارك اللبنانيين خبرتها كإنسانة كافحت وتغلّبت على نظرات الناس المؤذية إلى المعوّق، وكبطلة رياضية من جهة ثانية.
«بدأت علاقتي بالكرسي المتحرك من سن السبع سنوات. عندها، تبدّلت معاملة الناس لي وواجهت صعوبات كثيرة بسبب نظرة الناس إلي، خصوصاً أثناء دراستي حيث واجهت تحديات كبيرة للبقاء في المدرسة. لذلك، بدأت بممارسة الرياضة لأحافظ على لياقتي البدنية وأتمكن من عيش حياة مستقلة. كما أني كنت أعشق المنافسة والتحديات.
وجّهني أهلي وشجعوني لأنهم اقتنعوا أن ممارسة الرياضة ستساعدني لأعتمد على نفسي وأكون قوية فكرياً وأتمكن من التعامل مع الصعوبات التي سأواجهها والتحديات التي كانت كثيرة في الجامعة لأن الناس كانوا دائماً ينظرون إلي على أني إنسانة ضعيفة عاجزة.
الرياضة شكلت لي دعماً مهماً وتغيّرت الألعاب البارا- أولمبية مع الوقت بحيث ساهمت بتغيير نظرة الناس إلى المعوّقين. والتحدي الأكبر لي كان إنجابي ابنتي لأني تمكنت من خلالها أن أثبت للناس وللطبيب الذي قال لي مرةً «امرأة مثلك يجب ألا تنجب» أني امرأة قوية.
بدأت حياة ثومبسون كبطلة رياضية عام 1988 في سيول Seoul عندما فازت بالميدالية البرونزية في سباق ال400م . كما شاركت بمباريات كرة سلة على كرسيها المتحرك. أما مشاركتها الخامسة والأخيرة في الألعاب البارا-أولمبية، فكانت عام 2004 حيث فازت بميداليتين ذهبيتين عن سباقي ال100م وال400م وأعلنت عام 2007 اعتزالها. لكن في الوقت نفسه تعمل كمقدمة برامج تلفزيونية وتقوم بالعديد من الأنشطة الاجتماعية والرياضية وتحتل مراكز مهمة في اتحادات ولجان تعنى بالرياضة.
وزارة الشؤون الإجتماعية اللبنانية ترعى شؤون المعوّق
ضمن اللقاء مع البارونة الرياضية تاني-غراي ثومبسون تحدث وزير الشؤون الإجتماعية اللبناني، سليم الصايغ عن أهمية التعاون بهدف تأمين حاجات المعوّق وتوفير كامل حقوقه ليكون المجتمع سليماً وعادلاً معتبراً هذا جزءاً من توفير الحقوق الإنسانية والمدنية لكافة الأفراد. أما الخدمات التي تعمل الوزارة على تأمينها للمعوّق فهي:
1- إصدار بطاقة المعوّق الشخصية تخوّل حاملها ممارسة حقوقه.
2- تعليم وتأهيل المعوّقين في المؤسسات المتخصصة المتعاقدة مع الوزارة على نفقتها الخاصة.
3- تقدير الصعوبات التعليمية وتوفير خدمة العلاج النطقي.
4- تنفيذ مشاريع مشتركة مع القطاع الأهلي في مجالات ترتبط بالإعاقة.
5- تسجيل الجمعيات المعنية بشؤون المعوّقين وإصدار إفادات الإعفاء الخاصة بها بحيث يتم تصنيفها كجمعيات خدمات أو جمعيات معوّقين.
6- إصدار إفادات الإعفاء الخاصة بالأشخاص المعوّقين كالإعفاء من الرسوم البلدية وضريبة الأملاك المبنية والرسم الجمركي على السيارات.
الجمعية اللبنانية لرعاية المعوّقين
الجمعية اللبنانية لرعاية المعوّقين هي جمعية أهلية غير حكومية أسستها السيدة رندة برّي عام 1984. وهي حائزة على صفة إقتصادية واستشارية من المجلس الاقتصادي والإجتماعي في منظمة الأمم المتحدة.
من تاريخ تأسيسها، تطوّرت الجمعية بأدائها وتقدم الخدمات الشاملة لأكثر من 300 معوّق يومياً عبر مراكزها الأربعة المتخصصة. وتشمل خدماتها التقديمات الطبية والتأهيلية المجانية. وعمدت الجمعية إلى إنشاء مجمّع نبيه بري لتأهيل المعوّقين عام 1996 ليؤمن الخدمات الطبية والتأهيلية للمعوّق ويضم فريق عمل متكامل من الاختصاصيين ذوي الخبرة العالية. كما يواكب المجمع آخر التطورات ويستعين بأحدث التقنيات الطبية في هذا المجال بهدف إعادة تأهيل المعوّق أياً كانت الإعاقة التي يعانيها.
البطل الرياضي إدوار معلوف عندما تتحول الإعاقة إلى حافز للنجاح
لم تكن الإصابة التي تعرّض لها اللبناني إدوار معلوف في عام 1995 عندما سقط من أعلى الطابق السادس في أحد المباني إلا حافزاً دفعه إلى خوض التحدي ليصل إلى مستويات عالية. اختار الرياضة كوسيلة ليثبت قدراته ويستعيد ثقته بنفسه.
بدأ تدريباته في الرياضة الخاصة بالمعوّقين وعام 2006 فاز في ماراثون نيويورك على الدراجة اليدوية التحريك .
بعدها شارك عام 2007 في سباق بوردو للمعوّقين وفاز بالميدالية الذهبية. كما فاز في العام نفسه بالسباق الأوروبي على الدراجة وماراثون بيروت في الفئة نفسها. أما الإنجاز الجديد الذي حققه، فبحصوله على ميداليتين برونزيتين في السباقين اللذين شارك فيهما في الألعاب الباراأولمبية في بيجينغ في الصين للعام 2008.
وبذلك رفع اسم لبنان عالياً لأنها المرة الأولى التي يحصل فيها لبنان على ميدالية في هذه الألعاب. وهذه لم تكن أصلاً إلا المشاركة الثانية للبنان فيها. علماً أن معلوف كان المشارك اللبناني الوحيد في الألعاب لهذا العام. وكان معلوف يعتبر أن مشاركته هذه هي بمثابة تحدٍ ليثبت قدراته والمستويات التي يمكن أن يبلغها كمعوّق.
لذلك خضع إلى تدريبات مكثّفة. وعلى الرغم من اعترافه بأنه كان مرهقاً في السباق الثاني الذي شارك فيه بسبب إصابته بالتهاب جرثومي في الدم نتيجة إصابة ساقه، استطاع أن يستمر حتى النهاية ليحقق إنجازاً حقيقياً لنفسه وللبنان.
لكن على الرغم من ذلك، عبّر عن أسفه لعدم وجود الدعم الكافي له من قبل السلطات اللبنانية، على الرغم من هذا الإنجاز إلى استطاع تحقيقه، فلم يحصل إلا على تذكرتي السفر ولباس رياضية، وهذا ما يعتبر مؤسفاً سواء في حالة معلوف أو غيره من الحالات المماثلة المهمّشة في مجتمعنا والتي لا تلقَ أي دعم أو تشجيع.