الانترنت ومناعة الحياة الزوجية...
مشكلة / مشاكل الزواج, الرئيس الفلسطيني محمود عباس, شبكة الإنترنت, المجتمع العربي, الحياة الإجتماعية, المجتمع الفلسطيني
27 ديسمبر 2010«عندما دخلت الانترنت بيت الزوجية، لم تتصوّر الزوجة أن بيتها سيؤول إلى الخراب. فقد أصبح زوجها مدمن انترنت، يحادث هذه وتلك، عبر صفحات الماسنجرات المتعددة. لم يعد يهتم ببيته، فقد أصبح يهتم لأمر (س) و(ص)، ممن يلتقيهن على الانترنت في ساعات المساء المتأخرة. وفي المقابل كان جارهم يستخدم الانترنت لكي يطور ذاته وثقافته التي ازدادت بشكل كبير في مجال عمله الأمر الذي جعله يفتح فروعاً لمشروعه».
مع انتشار استخدام وسيلة الانترنت في المجتمعات العربية وتحديدا في المجتمع الفلسطيني، وبروز الكثير من المحاسن والمساوئ لاستخدام الانترنت من جانب جميع الفئات العمرية، وتحديداً الأزواج. نسلط الضوء في اللقاءات التالية على الصورة الحقيقية لآثار استخدام الانترنت على العلاقة الزوجية والأسرية.
الشيخ يوسف ادعيس
كان أول لقاءاتنا داخل مكتب سماحة الشيخ يوسف ادعيس القائم بأعمال قاضي القضاة نائب رئيس المجلس الأعلى للقضاء الشرعي، الذي قال: «أريد أن أوضح أن لاستخدام الانترنت جانباً ايجابياً وآخر سلبياً. أدت الشبكة إلى تثقيف الزوجين في الكثير من الأمور وفي مجالات متعددة، وحتى في بعض المشاكل وخاصة في الموضوع الجنسي بين الزوجين.
أضاف: «في المقابل كان هناك اثر سلبي أدى إلى وجود انحرافات عند بعض الأزواج، عبر علاقات مع نساء أخريات وذلك نتيجة الحرية المطلقة. وهناك نساء أقمن علاقات غير مشروعة مع آخرين من الرجال وهن يعشن في كنف أزواجهن. والانترنت مثل السكين، يمكن استعمالها في أمور نافعة وأمور ضارة. ومن الأزواج من يستعمل الانترنت في أمور التعلم، ولو كان الزوجان مقتنعين بعلاقتهما لما وصلا إلى استخدام الانترنت بطريقة تؤدي إلى الانحراف».
وأوضح ادعيس: «من ناحية شرعية، فان استخدام الانترنت بطريقة فيها انحراف أخلاقي محرم شرعاً، وأنا انصح الأزواج بأن يعودوا إلى أنفسهم وان يبنوا علاقتهم الزوجية على أساس الأحكام الشرعية من اجل بناء أسرة سليمة ومن ثم مجتمع سليم. وترد الى المحاكم قضايا نزاع وشقاق يطلب فيها احد الزوجين التفريق بسبب اكتشافه وجود علاقة غير مشروعة مع آخرين عبر الهاتف النقال والهاتف الأرضي والانترنت».
أبو شنب
من ناحيته يؤكد الاختصاصي التربوي زاهر أبو شنب أن شبكة الانترنت تؤثر في علاقاتنا بكل أشكالها، وقال: «أصبحت معظم علاقاتنا الاجتماعية تتجه نحو ما يسمى العلاقات الافتراضية التي اقتحمت حياتنا أثر التعامل المغلوط مع الانترنت التي باتت تقرر طبيعة علاقاتنا الاجتماعية من صداقات وغيرها بما في ذلك تحديد شريك الحياة، وبذلك احتلت موقعاً شبه دائم حتى في مجالس الحديث المتبقية العامة منها والخاصة». يضيف: «العالم أصبح بمثابة قرية كونية صغيرة، لأن تكنولوجيا المعلومات والوسائل التقنية اختصرت المسافات ولاحقت الزمن، الأمر الذي جعل إقبال فئة الشباب عليها كبير اًجداً، فتراهم يمضون معظم أوقات فراغهم في التعامل مع هذه الوسيلة، ليبتعدوا بذلك شيئا فشيئا عن القراءة والعلاقات الاجتماعية في المجتمع المحيط، حتى أن العلاقات الزوجية تأثرت سلبا لسوء استخدام الانترنت».
وحول انتشار الانترنت في فلسطين قال أبو شنب: «في فلسطين هناك نمو سريع لاستخدام الانترنت، يفوق بعض البلدان العربية، وإذا لم يتوافر في المنزل، فإنه متوافر الاتصال في الجامعات وأماكن العمل ومقاهي الانترنت، بالإضافة إلى أن علاقة المستخدم الفلسطيني مع الانترنت سطحية، متجاهلاً بذلك ما يمكن أن توفره هذه الوسيلة من معطيات علمية وثقافية تضيف اليه ما يصقل شخصيته إيجابا. وبحكم التطور التكنولوجي في الانترنت أصبحت هناك علاقات الصداقة، والجماعات النقابية وحتى السياسية تتشكل عن طريق الانترنت».
التميمي
أما الإعلامي امجد التميمي فأكد أن شبكة الانترنت لها تأثير على الأزواج والأسر الفلسطينية، وقال: «لا شك أن الشبكة العنكبوتية تركت تأثيرات عميقة ليس على العلاقة الزوجية فقط، وإنما على مجمل العلاقات الإنسانية. هذه التقنية الساحرة المغرية الخادعة احتلت حيزاً واسعاً من وقت الأشخاص واخترقت الحواجز والحدود واقتحمت على الأسرة خصوصيتها، بل شاركت الزوجين غرفة نومها».
وتابع التميمي: «لا يعني ذلك في أي حال أن الانترنت كلها مساوئ وكوارث وسلبيات، بل لها من الايجابيات بالمقدار نفسه من السلبيات. والشبكة سلاح ذو حدين، نعمة ونقمة معا، كأي تكنولوجيا حديثة. والأمر يعتمد على ما إذا أحسن أو أسيء استخدام هذه الخدمة أو التقنية. وبالتأكيد تركت شبكة الانترنت تأثيرات عميقة على العلاقة الزوجية خاصة في حالات معينة أكثر منها في حالات أخرى، مع التأكيد أن ثقافة الزوجين وتعليمهما يلعبان دوراً محورياً في توجيه هذا التأثير، والمرعب هنا هو عندما يصل كل من الزوجين إلى إدمان الجلوس إلى شاشة الحاسوب، ويدير كل منهما ظهره للآخر، هنا يحدث برود في هذه العلاقة، ويكبر الشرخ كلما منحا الانترنت زمنا أطول من وقتهما. والشواهد والقصص كثيرة في هذا المجال سواء في المنطقة العربية أو لدى الغرب، من حالات طلاق وإهمال طال الأطفال في الأسرة».
وأضاف التميمي: «على حد علمي إن الإعلام الفلسطيني لم يتناول حتى الآن هذه القضية بما يليق بحجمها وتأثيراتها، واقتصر دوره على مادة تشخيصية هنا أو هناك وعلى تناول القصص المتعلقة في هذا المجال على سبيل الطرفة أو في زوايا تصنف ضمن المنوعات. والمطلوب هو دور مسؤول للإعلام يركز فيه على التوعية بالمخاطر وطرح الحلول العلاجية والتنبيه لتأثيرات هذا الأمر ليس على الزوجين فقط وإنما على الضحية الكبرى وهي فئة الأطفال».