لماذا يلجأ الرجل الى الزواج للمرة الرابعة؟
تعدد الزوجات, الرئيس الفلسطيني محمود عباس, مواقع الزواج الإلكتروني, رأي الدين, إختصاصي نفسي, المجتمع الفلسطيني
27 ديسمبر 2010في ظل المعارض والمؤيد لموضوع تعدد الزوجات في المجتمعات العربية والغربية، نسأل: لماذا يقدم الزوج على الزواج للمرة الرابعة؟ وذلك من أجل توضيح أسباب ذلك، ومدى تأثير هذا الزواج على الأزواج وزوجاتهم الأخريات وأبنائهم. «لها» أجرت عدداً من الحوارات الخاصة مع جهات فلسطينية معيّنة روت لنا قصصاً حدثت مع رجال أقدموا على الزواج للمرة الرابعة.
مزيد من التحصّن
أما رأفت طومان رئيس تحرير وكالة «أسوار برس»، فأشار إلى أن الزواج لكلا الجنسين، الرجل والمرأة، يعني السكينة والاستقرار والسعادة، وقال: «هي فطرة وضعها الله سبحانه وتعالى في بني البشر للحفاظ على بقائهم وليتباهى بهم سيد المرسلين صلى الله عليه وسلم،" تزاوجوا تناكحوا تكاثروا فاني مباهي بكم الأمم يوم القيامة». فقد احل الله سبحانه وتعالى الزواج وحرم الزنا والسفاح وجعل الحق للرجل أن يتزوج مثنى وثلاث ورباع بشرط العدل لقوله سبحانه وتعالى (فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ.) وأسس العدل هي القدرة على الإنفاق والتغلب على التبعات المادية اللازمة للبيت والزوجة، وكذلك القدرة البدنية التي تمكنه من القيام بواجباته الزوجية المختلفة وزواج الزوج من ثانية أو ثالثة أو حتى رابعة فيه المزيد من التحصن للزوج واعفاف النفس، وتوسيع دائرة التواصل والتعارف بين عائلات المجتمع».
وأضاف: «نحن نجد في مجتمعنا الفلسطيني استهجاناً لهذه المسألة، فعندما يتقدم شاب متزوج إلى فتاة ما بغرض الزواج منها على سنة الله ورسوله، يسألون أهلها لماذا ترغب في الزواج مرة أخرى؟ وهل لديك القدرة على أن تصون زوجاتك الأخريات؟ وفي نهاية المطاف يرفضونه لأنهم يريدون أن يأتي بجميع زوجاته للموافقة على زوجة رابعة، هذا إن كانوا قد وافقوا عن مبدأ تزويجه من الأصل. وهنا استشهد بقصة واقعية لرجل تجاوز الستين وهو متزوج من أربع نساء ولديه العديد من الأبناء والبنات لا اعرف عددهم، ولربما هو لا يعرف حتى أسماءهم. فقد توفيت إحدى زوجاته، وهنا وقعت الواقعة لأنه فقد أحد الأعمدة الأساسية لمملكته ، فقرر الزواج ولكن هذه المرة بسرية تامة. توجه إلى العديد من السيدات ولكن دون فائدة، وأخيرا وجد صاحبة الصون والعفاف وتقدم لها وكانت الموافقة من أهلها، وتم تحديد موعد الزفاف. وهنا بدأت المعركة الحقيقية مع أبنائه، فجزء منهم يبارك له والآخر يمانع بشدة.
فيا ترى ما هو السبب لذلك؟ لقد اقسم أن يشعل النار بابيه وزوجته الجديدة إذا تجرأ وأحضرها إلى المنزل. حاولنا تهدئته ومعرفة سبب موقفه الرافض لزواج أبيه فقال بكل جرأة لماذا يريد أن يتزوج على أمي وهي لم تنقصه من شأنه شيئاً؟ أجبته أبوك متزوج الآن من ثلاث زوجات، فقال أمي الزوجة الثالثة وان تزوج الآن فهو يتزوج عليها هي ... ابتسمت مستغرباً هذا المنطق العجيب ، وجعلني أصر على سؤال من يباركون زواج والدهم من رابعة، فأجاب أحدهم وبكل ثقة أمي هي الزوجة الأولى ولقد تزوج عليها أكثر من مرة وان تزوج الآن فهو يتزوج على الزوجة رقم ثلاثة وليست على أمي. ما رأيكم بطريقة التفكير هذه؟».
ورأى طومان أن «تعدد الزوجات يحل الكثير من المشاكل الاجتماعية وأكبرها العنوسة، وخصوصاً في مجتمعنا الفلسطيني الذي زادت فيه نسبة الإناث مقارنة بالذكور. فإذا كان الرجل قادراً على أن يفتح بيتين أو- أكثر فلا مانع من ذلك، بل على العكس ربما يكون التعدّد عنواناً متجدداً للأمل والسعادة مع مختلف زوجاته».
العقلية الذكورية
من جانبها، أشارت منسقة منتدى المنظمات الأهلية الفلسطينية لمناهضة العنف ضد المرأة سهاد عبد اللطيف إلى أن أهم ما في الموضوع هو العقلية الذكورية الخاصة بالمجتمع الفلسطيني، فقالت: «هي التي تشجع الرجل على فرض سيطرته على المرأة بحجة أن من حقه أن يمتلك زوجته. والموروث الثقافي الفلسطيني يشجع على انتهاك حقوق المرأة وممارسة العنف ضدها بحجة أنها غير مؤهلة لاتحاد قراراتها، وأنها دائماً في حاجة إلى وصي أو ولي. والموروث الثقافي انعكس على منظومة التشريعات النافذة في فلسطين، وسبل تعامل سلك القضاء مع القضايا المرتبطة بالعنف ضد المرأة، لجهة إبداء تساهل وتعاطف مع الرجال، وإيحاءات للنساء بأن من مصلحتهن أن يبقين تحت أجنحة أزواجهن أو آبائهن أو أي وصي أو ولي».
وأضافت: «للأسف إن منظومة القوانين لم تتغير رغم أن القانون الأساسي الفلسطيني يحتوي على مادة واضحة تقول إن المرأة والرجل لهما الحقوق نفسها. وكذلك وقع الرئيس محمود عباس اتفاق سيداو الذي يؤكد حقوق النساء ويدعو الدول والحكومات لاتخاذ إجراءات وفرض سياسات لمواجهة العنف ضد المرأة، ولإشراك المرأة في عملية التنمية وإحقاق حقوقها. إلا أن القوانين النافذة في فلسطين، وتحديداً قانوني العقوبات والأحوال الشخصية، تحتوي على مواد تحرم المرأة ممارسة العديد من حقوقها والتمتع بها، وكذلك تشجع على ممارسة العنف ضدها.
وتابعت: «في فلسطين لدينا مفهوم ثقافي مؤدّاه توجه الناس إلى ما يعتقد أنه تدين، ويتخذون من هذا التوجه ملاذاً لممارسة سلطاتهم المفرطة ضد المرأة وانتهاك حقوقها. وهناك الكثير من الرجال الذين يتزوجون من النساء بحجة الدين، وهم بعيدون عن الدين، لان الدين أوصى بالعدل وإعطاء المرأة حقوقها. وهناك ظاهرة لم تكن موجودة سابقا بكثرة في فلسطين، وهي قبول المرأة بان تكون الزوجة الثانية».
الرجل يحب التغيير
في مقر جمعية المرأة العاملة التقينا الاختصاصية النفسية فايزة اشتيوي التي أكدت أن قلة تلجأ إلى الزواج من الزوجة الرابعة. فقالت: «ولكن عندما يقدم الرجل على الزواج للمرة الرابعة يفعل ذلك لأسباب عدة منها أن الرجل يحب التغيير، ويعتقد أنه عندما يتزوج من إمرأة تصغره سناً، فإنها ستعيد إليه شبابه وسيتباهى بها أمام الآخرين. والرجل أناني بطبعه ولا يفكر في زوجته. وهناك من الرجال من يعتقدون بأنهم إذا تزوجوا نساء أكثر فإنهم سيثبتون للآخرين بأنهم أقوياء ورجال أكثر من الآخرين، وذلك من منطلق شرقي. وهناك عامل اقتصادي أيضاً، فإذا أصبح مع الزوج نقود فإنه يفكر في الزواج من إمرأة أخرى تغير له حياته. وهناك سبب آخر وهو الطمع بأن يتزوج من أخرى طمعاً في مالها، وهي ترضى تحت شعار السترة. وهناك موضوع الغرور وهو زواج الرجل في أكثر من امرأة من اجل أن يكون لديه عزوة كبيرة من الأولاد، وهناك رجال يتزوجون فقط من أجل المتعة، وآخرون يتزوجون لأن لديهم نقصاً معيناً في شخصيتهم قد يكون جنسياً أو اجتماعياً. وعندما يقدم الزوج على الزواج للمرة الرابعة لن تكون هناك انعكاسات سلبية عليه بل على الزوجات والأولاد».
رأي الدين
أكد الشيخ يوسف ادعيس القائم بأعمال قاضي القضاة نائب رئيس المجلس الأعلى للقضاء الشرعي أن الزواج شرع في الإسلام للإحصان وإيجاد الأسرة الصالحة، فقال: «ومن الأدلة الشرعية الكثيرة أنه سكن وفيه مودة ورحمة، والرسول صلى الله عليه وسلم ذكر الكثير من الأحاديث عن الزواج، وان الشرع الحكيم عندما شرع للزوج أن يتزوج بأربع نسوة في آن واحد لأن الله سبحانه وتعالى خلق الإنسان وقدر حاجته وطاقته حتى يشبعها بالحلال، وهناك طاقة وغريزة موجودة يشبعها هذا الزوج بالتعدد، ولكن بشرط العدل بين الزوجات من ناحية المأكل والملبس والمسكن وجميع المتطلبات الأخر.، فالله سبحانه وتعالى شرع للزوج ذلك لأنه مكلف بتامين هذه الأمور للنساء، فإن لم تتوافر هذه الشروط فالشرع الحكيم قيّد الرجل بامرأة واحدة».
وتابع ادعيس يقول:"وان وصل الحد إلى الظلم فان التعدد يصبح حراماً لان العدل أمر مشروط لإباحة التعدد، علما أن الآخرين الذين يهاجمون التعدد وفي أثناء قيام الحياة الزوجية يقومون بعلاقات غير مشروعة. ومن المفضل أن يكون هناك زواج متعدد أيضاً لحماية المرأة من العنوسة، ولو اطلعنا على حال الرجل الذي يعدد في زوجاته لوجدنا أن وضعه الاقتصادي أفضل بكثير ممن يتزوج من زوجة واحدة، وهذا معتقد لاشك فيه عند المرء المسلم».