زملاء دراستك...
سلمى المصري, الصداقة الحقيقية, الدراسة, المدرسة
20 فبراير 2012نبدأ بأجوبة من مصر
أحمد: لم يبق بيننا سوى الرسائل الإلكترونية
أحمد غريب وعصام علاء صديقان منذ المدرسة الإعدادية، أما دعاء فزميلة دراستهما في كلية التجارة، ولم تكن الزميلة الوحيدة التي دامت صداقتهما معها، ولكن مشاغل الحياة فرّقت الكثيرين من زملائهم في الدراسة، أما هؤلاء الثلاثة فدامت صداقتهم ربما لأنهم مازالوا عازبين، حسب تأكيدهم، ويتذكرون أصدقاءهم وأيامهم الحلوة من حين إلى آخر عندما يتلاقون، ولا يصدقون مرور أكثر من عشر سنوات على معرفتهم ببعض.
سرعان ما توطدت زمالة أحمد غريب بعصام علاء في المدرسة وتحولت إلى صداقة، خاصة أنهما جاران في المنطقة السكنية نفسها، حتى أن العلاقة تحولت إلى صداقة بين العائلتين. ويقول أحمد غريب: «أعمل الآن مدير تسويق سياحي، ولم أفترق عن عصام إلا بعد التخرج عام 2001، فمدرستنا كانت واحدة ودخلنا الجامعة نفسها. ورغم أننا اختلفنا في العمل، فإن ذلك لم يبعدنا يوماً، فنحن حريصان على التلاقي دائماً بصورة شبه يومية، وكذلك نحرص على مقابلة دعاء باستمرار، فهي آخر زملاء الدراسة، فمهنم من سافر إلى أووربا ودول الخليج، ولم يبق بيننا إلا رسائل إلكترونية من الحين إلى الآخر».
ويؤكد أحمد ضاحكاً: «عصام صديقي الوحيد رغم أننا نختلف كثيراً في وجهات النظر، إلا أن الاختلاف بيننا لا يفسد للود قضية، وفي الوقت نفسه هو شريكي في الكثير من هواياتي، اذ يحب السفر والصيد مثلي. أما دعاء فتتمتع بحكمة في الرأي وثقافة عالية، لذا هي أول من أطلب منه المشورة، وهي أيضاً تفعل الأمر نفسه وتعتبرني أخاها».
عصام: حريص على التواصل مع أصدقائي
من جانبه يشير عصام علاء (مدير مبيعات) إلى أن دعاء وأحمد أحب زملاء الدراسة إلى قلبه، ويقول: «رغم اختلاف مجالات العمل بيننا نحن الثلاثة بعد التخرج، كنا حريصين دائماً على استمرار العلاقة، ونظراً لاختلاف ظروف دعاء عنا كفتاة، كنا حريصين على الاتصال بها حتى ولو بالهاتف أو على الإنترنت حتى تتواءم الظروف ونلتقي. أما أنا وأحمد فمعرفتنا عمرها حوالي 20 عاماً، وبدأت في المدرسة، لكننا حتى الآن لم نفترق، ولا أعتقد اننا سنفترق أبداً حتى ولو ازدادت علينا ضغوط الحياة».
ويفسر عصام سر استمرار زمالة الدراسة وصداقته بأحمد حتى الآن بقوله: «أحمد يشبهني في أشياء كثيرة، والمرء على دين خليله، والحمد لله لم نجد أي اختلاف بيننا لنفترق، فتوطدت علاقتنا أكثر كما أن أحمد هو الوحيد الذي يصدُقني المشورة والنصيحة».
دعاء: البعض يقطعون الصداقة بعد التخرج والبعض يستمرون
زملاء الدراسة نوعان، منهم الحريص على استمرار العلاقة ومنهم من لا يجدها مجدية بعد التخرج فيقطعها، وفي كلتا الحالتين الأمر يرجع إلى قرار الشخص نفسه. هكذا بدأت دعاء محمد (محاسبة) الحديث عن زملاء الدراسة.
وتوضح: «استمرت علاقتي بالكثير من زملاء الجامعة بعد التخرج، ولكن كما أشرت سابقاً فهم من يقررون استمرار العلاقة أو انتهاءها حسب ظروف كل إنسان. ومازلت حتى الآن على اتصال بالبعض من حين إلى آخر، ولكن أحمد وعصام هما الأقرب والأكثر حرصاً على استمرار صداقتنا. حتى ولو أبعدتنا مشاغل الحياة لفترة من الوقت، إلا أننا نتواصل من جديد، خاصة أن لدينا اهتمامات مشتركة، فنتقابل كثيراً لحضور الندوات الثقافية والرحلات الترفيهية».
مروة: من الحضانة الى ما بعد الثانوية العامة
مروة وهبة ومنى، ثلاث صديقات جميلات يشكرن الله على علاقتهنّ الرائعة. بدأت صداقتهن في الحضانة واستمرت إلى ما بعد الزواج، رغم أنهنّ الآن لا يعشن جميعاً تحت سماء الوطن.
تحكي مروة بيومي (28 عاماً) قصة الصداقة التي تعتز بها قائلة: «أحياناً ننسى متى بدأت صداقتنا، ونروح نتذكر في جلسات السمر ذكريات الطفولة، حتى نستوعب أننا التحقنا بحضانة المدرسة وظللنا معاً حتى الثانوية العامة. ومنذ بداية تعارفنا وحتى الآن لم نفترق عن بعض، رغم زيادة مسؤولياتنا واختلاف ظروفنا جميعاً».
وتضيف: «الذكريات بيننا يحتاج سردها إلى مجلدات، فلا ننسى أبداً فرحة حفلة نهاية العام كل سنة في المدرسة، ولا ننسى فرحتنا الكبرى عند زواج منى. فنحن الثلاث كنا ننزل لنختار أثاث المنزل معاً، ونختار الديكور، حتى ملابس منى اخترناها معاً. حتى عند إنجابها أول طفل لم نفارق المستشفى، فهي كانت فرحتنا الكبرى، وأجمل ما في الأمر أن زوجي منى وهبة يقدران صداقتنا، ومن خلالها أصبحا صديقينا أيضاً».
وتقول مروة: «صحيح أن لقاءاتنا أصبحت أقل بكثير، خاصة مع زواج هبة وانتقالها مع زوجها إلى دولة الإمارات بسبب ظروف عمله، لكننا دائماً ما نحرص على اللقاء في إجازة هبة التي تكون عادة في العيد، ولم نسمح لانشغالاتنا بأن تفرق بيننا، فأنا الآن عضو مجلس إدارة جمعية خيرية ومشغولة جداً فيها، وكل من مروة وهبة مشغولتان مع أطفالهما، إلا أننا دائماً ما نجتمع للحديث على الإنترنت ونطمئن الى بعضنا بالهاتف، وألتقى منى من حين إلى آخر».
منى: تحدَّت صداقتنا الظروف واستمرَّت
أما منى هاني، الضلع الثاني في مثلث الصداقة، فتؤكد أن أجمل ما في صداقتهنّ أنها خالية من المصالح وقائمة على الحب الصادق، وهذا سرّ استمرارها. وتقول: «صداقات كثيرة لا تستمر بسبب تعارض المصالح القائمة عليها، لكن علاقتنا كصديقات دراسة مختلفة حقاً. والجميل في الأمر أننا نتحدى الظروف، ولا نترك لها المجال لتبعدنا ولو بقليل من الوقت، فرغم ظروفي المهلكة، لأن لديَّ بنتاً عمرها أربع سنوات وولداً عمره سنة وحامل الآن، إلا أنني قد أترك أحد أبنائي مع أمي وأخرج لأتقابل مع مروة، وأحياناً أترك الاثنين وأدعوها لنخرج معاً ونتذكر أيام المدرسة والجامعة بلا أطفال. كما أنني أرتاح جداً في الفضفضة مع مروة، فهي الأقرب إلي، وعندما تأتي هبة في إجازتها لا نتركها لنستمتع بالصداقة التي تجمعنا».
هبة: صداقة رغم البُعد
تفرقت هبة عزت عن منى ومروة بدخولها كلية الفنون الجميلة، ولكنها تؤكد أنها لم تبتعد عنهما رغم اختلاف مسار التعليم، قائلة: «دائماً ما كنا نتقابل بعد ميعاد المحاضرات ونخرج للتنزه يومياً تقريباً، وساعدنا على ذلك أن مروة كان معها سيارة فكان التجمع أسهل، وحتى بُعد المسافات وتغيير محل الإقامة لم يفرقا بيننا كصديقات دراسة».
وتضيف هبة: «تمت خطبتي بعد انتهائي من الدراسة، وسافرت إلى دولة الإمارات مع زوجي، ولكن الهاتف والإنترنت هوّنا عليَّ غربتي، وصداقتنا لم تتأثر فدائماً ما نتحدث نحن الثلاث عبر التشات ونستعيد الذكريات ونحكي عن حياتنا وجديدنا. وبالطبع نستشير بعضنا في المشاكل. وبحكم أن منى لديها طفلان ومشغولة أكثر، فإن مروة الأقرب إليّ، وعند حدوث أي مشكلة أو خلاف مع زوجي أحكي لها ونفكر معاً في الحل ولا تبخل عليَّ بأي مشورة».
لكل من مروة ومنى ميزة تعشقها هبة، توضحها قائلة: «مروة خدومة جداً ولا تبخل على أحد بالمساعدة، ولا أنسى لها وقوفها بجواري لدى وفاة أبي، فكانت أصعب مرحلة مررت بها في حياتي. أما منى فأنا أحب شقاوتها وروحها المرحة، فمهما كانت الظروف المحيطة بنا كئيبة تستطيع منى انتشالنا من عالم الكآبة إلى المرح والضحك، لذا لا أعتبر أننا صديقات دراسة بل شقيقات».
تجمعنا بهم أجمل الذكريات وأسعدها، وعندما نلتقيهم صدفة في هذا المكان أو ذاك، أو يظهر اسم أحدهم على هاتفنا المحمول فإنهم يفتحون أمامنا نافذة الذكريات على ذلك الزمن الجميل زمن البراءة والمرح والشباب الذي مضى ولن يعود. إنهم أصدقاء أيام الدراسة الذين تُعدُّ رؤيتهم والجلوس معهم سعادة وغبطة لمَنْ أثقلتهم هموم الحياة وتعقيداتها... والسؤال الذي طرحته «لها» حول هذا الموضوع هو: هل ما زلت على علاقة بزملاء دراستك؟