بين المغاور وقمم الجبال...
سياحة, رياضة الخيل, المجتمع السعودي, جبال الهملايا, المغامرات المائية, تسلق الجبال, قمة إفرست
26 مارس 2012ثقافة تعد غربية إلى حد ما، إلا أنها حققت في الآونة الأخيرة رواجا لا بأس به بين شباب السعودية. إنها السياحة الاستكشافية التي يقوم بها من يتمتعون بروح المغامرة. «لها» ألقت الضوء على هذا النوع من السياحة الذي يملك بلا شك إمكانات هائلة.
رها محرق (26 سنة) بدأت معها الحكاية منذ الطفولة حين كانت تخرج مع والديها والعائلة لممارسة عدد من الأنشطة التي تخرج الإنسان من عالم الروتين إلى العالم الطبيعي الحقيقي كما وصفته قائلة: «منذ الطفولة كان لدينا هذا النوع من المغامرات، حين كان يدفعنا الوالد إلى السفر بمفردنا، وممارسة رياضة ركوب الخيل، مما ولد لديّ خلفية جيدة عن هذا النوع من الرحلات... حتى الآن حصلت على خمس رخص في رياضة الغوص، ولم يبق إلا رخصة واحدة لأكون متخصصة ومتمرسة فيها. كل هذه الأفكار كانت نتاج التربية. إضافة إلى أني عشت في دولة الإمارات عشر سنوات كنت خلالها أمارس الكرة الطائرة، وأتسلق الصخور، ولدي دائما حب المغامرة».
وأضافت: «في رمضان الماضي كنت ضمن مجموعة كبيرة وجرى نقاش عن كون السعوديات مرفهات، ولا يملكن شجاعة وقوة. وكانت هذه نقطة الاشتعال التي دفعتني إلى قرار تسلق أعلى قمة أفريقية كليمنجارو».
في البداية واجهت رها بعض المعارضة من والدها، ولكن لثقته بها قرر أن يسمح لها بخوض التجربة. استغرق الاستعداد لهذه الرحلة شهرين وكانت التمارين عبارة عن ممارسة أشكال مختلفة من الرياضة منها السباحة، والكرة الطائرة، وتسلق الصخور، والجري، وركوب الدراجة.
وعن الشركات المنظمة قالت رها: «للأسف هذا النوع من السياحة غير موجود داخل السعودية، لكن ما يدعمني هو المدة التي أمضيتها في الإمارات حيث تعرفت على أصحاب هذا النوع من الشركات السياحية وعادة ما أكون ضمن المجموعات التي تنظمها هذه الشركات، ولكن حتى اللحظة لم أخرج من خلال شركة سعودية، وعادة ما أكون مع أخي وأختي في هذه الرحلات».
وكانت رها قد شاركت في رحلة غوص لاستكشاف قارب غارق في البحر منذ الحرب العالمية الثانية، وكانت هذه الرحلة من أهم أحلامها بعدما أخضعت نفسها لتمارين في رياضة الغوص لتصل إلى المستوى الذي يخولها دخول البحر للمسافة المطلوبة.
المصوّرة المغامرة
تقول المصورة سرين فتحي عن رحلاتها: «أول رحلة قمت بها كانت رحلة تطوعية، ولكن بالنسبة إلي كانت نوعا من المغامرة، فقد كانت الى أفريقيا لزيارة عدد من القرى ومراكز الأيتام. وكنا يوميا نخرج من الفندق ونسير مدة ساعتين الى ثلاث ساعات لزيارة القرى ومساعدة أهلها في أعمالهم اليومية، فعلى سبيل المثال كان علينا حمل الماء إلى القرية. وكنا على هذا الحال يوميا من الصباح وحتى آخر النهار».
أضافت: «قمت بعدد من الرحلات داخل السعودية تنظمها سيدة تدعى دانية المصري، والهدف من هذا النوع من الرحلات أيضا خيري».
وهي تتبع حاليا ما كان والدها يتبعه معها فتنظم رحلات الى مناطق صحراوية خارج مدينة جدة هي والعائلة لتعويد أولادها على هذا النوع من الرحلات. وتمارس معهم كل الأنشطة التأملية، والتسلق، والمشي لمسافات على الرمال وخلافه.
رحلات
من جانبه تحدث مؤسس شركة (wild guanabana) وأصغر عربي متسلق لقمة إيفرست عمر سمرة الذي يعمل حاليا على تنظيم الرحلات الاستكشافية عن طريق شركته المتخصصة فقال: «يمثل المستكشف السعودي ما يقارب 30 في المئة من عدد المشاركين في الرحلات التي نقوم بها عن طريق الشركة، والتي عادة ما تأخذ طابعا مختلفا عن الرحلات السياحية العادية. فنحن متخصصون في تسلق الجبال، والتخييم في عدد من الدول التي تتمتع بالغابات أو الصحاري، ورحلات السفاري، والتجذيف عبر أمواج الأنهار، وخلافه. بدأت الشركة نشاطها في العام 2009، بعد أن كنت أعمل في مجال الاستثمار والبنوك، ولكن منذ الصغر وأنا أعشق هذا النوع من السياحة والمغامرات ما دفعني للتوجه الى هذا العمل».
وعن الفئات المستهدفة في هذه السياحة قال: «الأعمار لا تعد عائقا أبدا في أي نوع من الرحلات، فبعض الرحلات كانت تجمع ما بين الشباب من أصحاب الأعمار الصغيرة إلى من هم في الستين من العمر».
وعن أكثر البلدان طلبا قال: «النيبال، تنزانيا، البيرو. تنزانيا عليها إقبال كبير لأن فيها أعلى قمة في قارة أفريقيا، إضافة إلى رحلات السفاري ومحميات الحيوانات بواسطة سيارات الدفع الرباعي لمشاهدة الحيوانات في الطبيعة. أما النيبال فمشهورة بجبال الهملايا، والبيرو مشهورة بثقافة الانكا وفيها مزارات سياحية كثيرة على رأسها متشو بتشو».
الصحافية المغامرة
أسماء آل غالب (27 سنة) تعمل في المجال الإعلامي. عاشت هذا النوع من المغامرات والرحلات الاستكشافية منذ الصغر مع والدها. تقول: «كان والدي حريصاً جدا أثناء السفر على أن نقوم بعدد من الأنشطة الاستكشافية الى جانب السياحة المتعارف عليها. والسفر إلى بلدان أخرى يعني أن نتعامل مع أنشطة لا نعرفها، خصوصا أنه في السعودية الأجواء حارة لا تساعد الشخص على الحركة والتنقل، وهذا ما يدفعنا خلال السفر إلى خوض تجارب مختلفة».
وأضافت آل غالب: «تعاملت مع شركة دولة الإمارات خلال دراستي في مصر، ولدي أصدقاء في الجامعة هم من أخبروني عنها. وكنا قد اجتمعنا على خوض تجربة تسلق أعلى قمة في أفريقيا كليمنجارو وبالفعل قمنا بها».
تستعد أسماء حاليا لخوض تجربة تسلق قمة إيفرست مع فريق نسائي. وكانت لها تجارب أخرى عندما قررت أن تنتسب هي وشقيقتها إلى المدرسة الحربية في انكلترا. «خلال هذه السنة قمنا بالكثير من الأنشطة المختلفة والغريبة، وكثيرا ما كنا نقوم بالتخييم لمدة أسبوع أو حتى أسبوعين في الغابات. هذا النوع من التجارب يغير نظرتنا إلى الحياة، ويجعلنا أكثر صلابة في مواجهة المشاكل».
وتابعت: «داخل السعودية لدينا مجموعة تنظم رحلات أسبوعية لتسلق بعض المرتفعات، ولكن تبقى هذه النشاطات محدودة مما يجعل كثيرين من الشباب يخرجون مع الشركات الموجودة في الوطن العربي، أو حتى بعض الشركات في الدول الأوروبية خصوصا أن التعامل عن طريق الانترنت يسهّل كثيرا ترتيب هذا النوع من الرحلات».
وعن إجراءات السلامة قالت: «بالطبع هناك كثير من الاستعدادات التي على الفرد الحرص عليها، فمثلا هناك عدد من اللقاحات علينا أن نأخذها حتى لا نصاب بأي نوع من الأمراض، ومزاولة التمارين الرياضة المناسبة للنشاط المطلوب، إضافة إلى المستلزمات التي تناسب كل فرد خلال الرحلة».
توجه جديد
عدي ماستر المدير العام للشركة الغربية للطيران، ورئيس مجموعة ماستر وأخوانه هو أحد منظمي هذا النوع من الرحلات في السعودية إضافة إلى أنه عاشق للرحلات الاستكشافية. قال: «هذا النوع من الرحلات هو توجه جديد. كانت البداية في دبي حيث أقمنا رحلة في الصحراء بمشاركة 70 شخصاً. وكانت الرحلة عبارة عن سفاري، ودبابات صحراوية، إضافة إلى التزحلق على الرمال، والتسلق».
وأوضح أن معظم الراغبين في هذا النوع من الرحلات من الشابات كونهن لا يمارسن هذا النوع من الرياضة وهذا النوع من النشاطات، وعادة تكون الفئة العمرية مابين 23 و35 عاما.
وأضاف: «هذا النوع من الرحلات يحتاج الى عاملين كثر، حتى أن الشخص الواحد يحتاج الى عدد من الموظفين لتدريبه على الأنشطة وعلى وسائل السلامة. وتستغرق هذه الرحلات ما بين يوم واحد وبضعة ايام. وعلى الفرد تعلم كيفية خدمة نفسسه والتعامل مع الأخطار».
وعن تجاربه روى: «لدي تجارب داخل السعودية وخارجها. توجهت سابقا إلى جنوب أفريقيا ودبي وماليزيا وتركيا، والنمسا حيث استكشفنا كهوفاً».