صائمون على الفيسبوك
د. آمنة نصير, الصيام, الصوم, أعمال خيريّة, رأي الدين, آيات قرآنية, شهر رمضان, العمل الخيري, الفيسبوك
16 يوليو 2012دعاية خيرية
بالإضافة إلى تقديم التهاني ومشاركة أصدقائها السور والآيات القرآنية، والدعوات إلى صلاة الفجر، تهتم داليا محمد، موظفة خدمة عملاء، بالدعاية الخيرية على الفيسبوك في الشهر الكريم، وتوضح: «لا يوجد تجمعات أفضل من مواقع التواصل الاجتماعي يمكنني استغلالها للدعاية للأعمال الخيرية كسباً للثواب، فلا يخلو حسابي من إقامة دعوات لتقديم وجبات الإفطار، إما للأطفال في دور الأيتام أو مستشفى علاج السرطان 57357 ومعهد الأورام. وأتفق مع أصدقائي ومعارفي على الفيسبوك على مواعيد الزيارات وكيفية تجميع كلفة الإفطار، فضلاً عن توزيع الوجبات الرمضانية على الفقراء، وعمل «شنطة رمضان» لمحدودي الدخل، والمساهمة في توزيعها وتغليفها، كل ذلك يكون بجهود ذاتية وبالاتفاق مع أصدقائي».
لا تتوقف الدعاية الخيرية مع داليا بانتهاء رمضان، وتقول: «تستمر دعوتي للأعمال الخيرية حتى مع انتهاء رمضان، وقبل العيد بأيام أقيم دعوات جديدة تحت عنوان «ثواب إسعاد طفل مسلم». وأتفق مع أصدقائي ونشتري ألعاباً نوزعها في أول أيام العيد على الأطفال الفقراء».
يؤكد أشرف ربيع مهندس كمبيوتر، أن استعماله للفيسبوك في رمضان يكون ضعيفاً للغاية، فهو يهتم أكثر بالطقوس الدينية. ويوضح: «صباحاً أكون في العمل، وقد أفتح الفيسبوك قبل الإفطار بقليل لأتابع بعض الصفحات الإخبارية أو صفحات البرامج الدينية، ولكن بعد الإفطار الصلاة تكون شغلي الشاغل، فأنا أحرص دائماً على صلاة التراويح والتهجد في المسجد، وبالتالي لا أجد أي وقت للتفاعل مع أصحابي على مواقع التواصل الاجتماعي كما في الأيام العادية».
ويضيف: «هذا لا ينفي أن «الفيسبوك» يلعب دوراً كبيراً في التواصل مع أصدقائي المسافرين الى الخارج، فقد أصبح وسيلة أسهل من «الماسنجر» والـ«إيميل»، وبات جزءاً من حياة كل شاب، وبالتالي أستخدمه في معايدة أصحابي المسافرين خاصة مع تطوير محادثته بالفيديو».
السياسة طاغية
ولكن وليد السعدني له رأي مختلف تماماً، فهو يرى أن رمضان السابق أو الحالي لم يؤثر في الجو السياسي الطاغي على الفيسبوك، مؤكداً أنه من ثوار الفيسبوك والميدان.
ويضيف: «في رمضان السابق شاركنا في الدعوة للإفطار الجماعي في ميدان التحرير، تأكيداً لمطالب الثورة، وهذا العام لن يخلو من مليونيات التأكيد لأن ثورتنا مستمرة، وسط رغبة التيارات الدينية في الحكم. لذا فإن تركيزي الأول والأخير على السياسة، والكثير من أصدقائي مؤمنون بهذا ولا تتغير حساباتهم الشخصية».
ويتابع: «نجح النظام السابق في إلهاء الشعب بهموم الفقر والمرض، ليبتعد عن السياسة، لكن الفيسبوك والتكنولوجيا لعبا دوراً كبيراً في التوعية السياسية التي ينقلها الشباب إلى أسرهم، لذا فإن المهتمين بالسياسة مثلي لا تتغير نشاطاتهم في رمضان، فما زلنا نؤكد أن ثورتنا مستمرة حتى تستقر أوضاع مصرنا الحبيبة».
share في الخير
أما مروة فراج، مرشدة سياحية، فتفيد بأن الـ share هو بطل صفحتها الشخصية على الفيسبوك في رمضان، وتقول: «تجذبني روحانيات رمضان التي تنعكس على الفيسبوك خلال الشهر الكريم، وقد أقرأ على صفحات أصدقائي أحاديث نبوية لم أسمعها من قبل، فأبحث عنها على الإنترنت لأقرأ تفسيرها وأتأكد من صحتها فتعجبني أكثر. وهنا يلعب الـshare دور البطولة المطلقة التي لا تقف عند الأحاديث فقط، بل إن هناك صوراً غاية في الروعة، فبعد دعوة الشباب للإفطار الجماعي في أول يوم رمضان في ميدان التحرير تأكيداً لمطالب الثورة التي لم تتحقق، تناقلت الصفحات الثورية والاجتماعية صور مشاركة المسيحيين للمسلمين في الإفطار، ومساعدتهم في وضع الطعام، وحمايتهم أثناء الصلاة في الميدان، وكان ذلك خير دليل على الوحدة الوطنية ونفياً لمزاعم لاعبي السياسة بوجود احتقان طائفي».
وتتابع: «بناءً عليه أرى أن الـshare للآيات القرآنية ودعوات التسامح ثواب كبير، يجعل استعمالي للفيسبوك صدقة جارية، فكلما رأى أحد أصدقائي الكلمات والآيات التي أكتبها تدعو للتسامح وإلى أن العمل عبادة، أشعر بأنني داعية إسلامية في العالم الافتراضي، لعلني أنال ثواب من يأخذ بها أو يقرأها، وبذلك لا أضيّع وقتي في رمضان هباءً».
هدايا العالم الافتراضي
سعادة عارمة تغمر مروة أبو زيد، موظفة خدمة عملاء، عندما تستقبل من أصدقائها الهدايا الرمضانية من الفانوس وأطباق الكنافة والقطايف وقمر الدين، كهدايا على العالم الافتراضي من خلال الفيسبوك، وتقول: «أشعر بأن تلك الهدايا حقيقية، وأفخر باهتمام أصدقائي بي، وبالطبع أهديهم أنا أيضاً إما هدايا مشابهة أو آيات قرآنية وأدعية».
وتضيف: «أعشق جو رمضان في العالم الافتراضي، وأرسل التهاني لجميع أصدقائي، فتتغير ملامح صفحتي الشخصية تماماً، فتغزوها صور الفوانيس وصانع الكنافة القديم ومدفع رمضان وفيديوهات الأغاني الرمضانية، مثل «مرحب شهر الصوم» وابتهالات النقشبندي. أما الـ Status فأكتب عليه التهاني مثل «كل سنة وأنتم طيبين» و»رمضان كريم»».
تهوى مروة الغناء، فهي عضو في فرقة «أيامنا الحلوة»، فتأتي الدعاية لحفلاتها ضمن اهتماماتها الرمضانية على الفيسبوك، وتقول: «كل عام يقيم صندوق التنمية الثقافي في مصر 30 حفلة ثقافية، وتدخل فرقتنا ضمن الجدول، فأستخدم حسابي على الفيسبوك في الترويج لحفلات فرقتي. وأنا متابعة جيدة لصفحات المسلسلات الجديدة على الفيسبوك، خاصة أن بعض أصدقائي ممثلون مبتدئون، فأدخل تلك الصفحات وأكتب تعليقات أدعمهم بها».
تطور تكنولوجي
من جانبه يرى كريم الشاذلي، خبير التنمية البشرية والعلوم الإنسانية، أن معايدة الأصدقاء والأقارب وتهنئتهم برمضان على الفيسبوك أمر طبيعي يتواكب مع التقدم التكنولوجي الذي نعيشه الآن.
ويضيف: «التهاني الإلكترونية لا تخلق أي نوع من الجفاء إطلاقاً، ولكنها قد تقلل متعة التواصل الحقيقي، فكلما شعر الشخص بأنه ينقصه شيء من السعادة، عليه أن يعود الى أسلوب معايدته القديمة، سواء كان اتصالاً هاتفياً أو زيارات منزلية وعدم الاكتفاء ببطاقات التهنئة الإلكترونية على الفيسبوك، فهناك عادات قديمة نفعلها في الكبر لنستنشق عبق الماضي وذكرياته، فمثلاً هناك من يقرأ مجموعاته القصصية التي اقتناها أيام طفولته ليسترجع ذكريات الطفولة». ويؤكد الشاذلي أن الفيسبوك يتغير في رمضان ليصبح نوعاً من التواصل الديني بين الأصدقاء والحض على استكمال العبادات والطاعات، ويوضح: «أصدقاء كثيرون يقيمون دعوات لختام القرآن، وتخرج مبادرات قيام الليل وصلاة الفجر، خاصة أن الفيسبوك عالم افتراضي أصبح جزءًا من الواقع، فجميعنا لنا أصدقاء عليه نعرفهم وآخرون لم نلتق بهم حتى الآن، لكننا نتواصل معهم من خلاله جيداً، ليصبح الفيسبوك وسيلة للاحتفال برمضان شهر الخيرات.
تطهير شامل
التطهير الشامل لصفحته الشخصية من أي نكات سياسية، قد يكون فيها سخرية من أي تيار، هو أول شيء يستعد به كريم سعيد، موظف في شركة سياحة، لرمضان على الفيسبوك.
ويوضح: «أيضاً أستبدل صورتي الشخصية بأدعية وآيات قرآنية، وهذا لا يكون حالي فقط، بل حال كثيرين من أصدقائي. وألاحظ نوعاً من الهدوء والسكينة في الـ Status التي يكتبها أصدقائي، والأجمل من ذلك أنني أبحث عن مقاطع الفيديو التي أعجبتني للدعاة الذين أتابع برامجهم الدينية، مثل معز مسعود وعمرو خالد، وأرفعها على صفحتي وأرسلها إلى أصدقائي لعلهم لم يشاهدوها فتعم الفائدة وأكسب الثواب».
الفيسبوك بالنسبة إلى كريم أفضل وسيلة تواصل مع أصدقائه في الشهر الكريم. يشرح ذلك قائلاً: «تشغلنا العبادات في رمضان عن التواصل مع أصدقائنا، فلا وقت للخروج وللاتصالات الهاتفية، فيكون الفيسبوك وسيلة ممتازة كي نطمئن على أحوال بعضنا، وذلك في الساعات الأخيرة من الليل وحتى اذان الفجر».
رأي الدين
وعلى الجانب الديني، تؤكد الدكتورة آمنة نصير، أستاذة العقيدة والفلسفة في جامعة الأزهر، أن المعايدة والتواصل الإنساني على الفيسبوك وغيره من الوسائل الإلكترونية الحديثة في المناسبات، لا يُحرمان، لكن ذلك ليس الطريقة المثلى في التقارب مثل الزيارات المنزلية، موضحة أن استعمال العالم الافتراضي في رمضان «حلاله حلال وحرامه حرام»، فمثلاً إذا استعمل الشباب والفتيات «المحادثة» على الفيسبوك للتعارف والحب فهو حرام، ولكن إذا استخدم للدعوة إلى أداء الفروض والتواصل والحض على العبادات فهو حلال. وتقول نصير: «أنصح أولادي الشباب بالحرص على سلامة الدين والدنيا والنفس والآخرة بالابتعاد عن مواطن الشر، واستخدام كل وسائل التكنولوجيا بشكل إيجابي سواء في رمضان أو غيره».
موقع التواصل الاجتماعي الفيسبوك صار جزءاً رئيسياً من حياة فتيات وشباب كثيرين لا يستطيعون الاستغناء عنه، لكن ماذا عن صفحاتهم على الفيسبوك في شهر رمضان؟ هل تتغيّر ملامحها؟ وهل تشهد انقلاباً حقيقياً من أجل أن تتناسب مع شهر الصوم؟
ضيق الوقت
تعترف ريم عز الدين، طبيبة أسنان، بأنها مدمنة فيسبوك، وبأن ضيق وقتها في رمضان لا يبعدها عنه، وتقول: «لا أستسلم إطلاقاً لضيق الوقت، فالـ Blackberry حل لي أزمة الوقت، وأنا ممسكة به طوال الوقت وأتابع أخبار أصدقائي من خلاله، ولا مانع من أن أشاركهم في الأدعية والابتهالات الرمضانية، فأنا أستخدمه حتى إذا كنت أقود سيارتي!».
وتعترض ريم على تهاني العالم الافتراضي، قائلة: «لا يليق بالأصدقاء أو الأقارب تبادل تهاني رمضان أو المناسبات عن طريق الفيسبوك، فذلك يسبب نوعاً من الجفاء في العلاقات، فحتى لو كانت التهاني مصحوبة بهدايا في العالم الافتراضي فإن مكالمة الهاتف لها تأثير أقوى بكثير في توطيد العلاقات الحميمة بين الأهل والأصدقاء، لذا أحب أن أهنئهم بنفسي أكثر وأضفي عليهم جواً من المرح بمكالمتي».
يتفق معها في الرأي محمد عمر، موظف علاقات عامة، مشيراً إلى أن استعمال حسابه الشخصي على الفيسبوك يختلف في رمضان، ويقول: «أتابع من خلاله مقاطع للبرامج السياسية والدينية التي لا أستطيع متابعتها على التلفزيون، نظراً إلى كثافتها وضيق الوقت، خاصة أن الكثيرين يعملون على مونتاجها، فأشاهد أهم المقاطع بلا زخم إعلانات رمضان التي قد تصيبني بجلطة إذا شاهدتها على التلفزيون».
ويتابع: «بالإضافة إلى ذلك فإنني أستخدم حسابي لترتيب الخروج مع أصدقائي فيكون التواصل أسهل بكثير من المكالمات الهاتفية التي قد تستغرق وقتاً أطول. والأجمل من ذلك أن عالم الفيسبوك متكامل المعلومات، فمن خلاله أيضاً نستطيع معرفة برامج السهرات الرمضانية في أي مكان نريده، ونقرر برنامج خروجنا بكل سهولة ويسر».